ألوان الحب





أنواع الحب ثمانية وكلها قد لا تدوم! 



د. عمار بكار 


لأن الحب واحد من أكثر الأمور تعقيدا وجاذبية للفهم في آن واحد، فقد ظهرت مئات النظريات التي تحاول فهمه وشرحه، وكان الشعراء والحكماء قد سبقوا العلماء والفلاسفة في ذلك، ولكل منهم مفهومه الخاص حول الحب. 



لكن واحد من أجمل وأبسط هذه النظريات هي نظرية يطلق عليها اسم "النظرية الثلاثية في الحب" Triangular theory of love التي جاء بها عالم أمريكي اسمه روبرت سترنبرغ وتقول إن الحب يقوم على ثلاثة أركان أساسية هي: العلاقة الحميمة، والعاطفة المتوقدة، والالتزام. 


يقصد بالعلاقة الحميمة هو ذلك الشعور بالقرب والمحبة والارتباط العميق والفهم المتبادل والمزاج المشترك، 

أما العاطفة المتوقدة فهي ذلك الشعور الرومانسي والتجاذب الجسدي الذي يحمله كل حبيب للآخر، 
فيما يعني الالتزام الشعور القوي المتبادل بتحويل تلك العلاقة إلى علاقة زواج أبدية لتأطير ذلك الفهم المشترك للالتزام. 

جرب مع نفسك قبل أن تكمل قراءة هذا المقال أن تتخيل أي علاقات اجتماعية يتوافر فيها واحدا أو اثنان أو ثلاثة من هذه العوامل المذكورة أعلاه، وتتخيل شكل العلاقة، وقد تجد نفسك بعد دقائق قد توافر لك فهم واضح لأنواع العلاقات الاجتماعية وتفاوت درجاتها وتحولاتها من علاقة لأخرى. لاحظ أن علاقة الحب بين الرجل والمرأة التي لا تحمل ركن الالتزام هي علاقة مرفوضة في المجتمع المحافظ، ولكنها موجودة واقعا مما يستلزم التعامل معها أيضا من خلال الدراسات المتخصصة في ذلك المجال. 


هناك ثمانية أنواع للعلاقات الاجتماعية بناء على هذه النظرية الثلاثية وهي كالتالي: 

1- علاقة لا يتوافر فيها الحب، وهي تلك التي لا توجد فيها أي من هذه العناصر الثلاثة (مثل علاقة العمل). 

2- علاقة "الصداقة الحقيقية" وهي تلك التي تتوافر فيها الحميمية ولكن من دون عاطفة متوقدة أو التزام، وهذه العلاقات تتميز بالقرب وشعور الشخص بالدفء والمحبة لأصدقائه، وهي علاقات تدوم عادة لفترات طويلة. 


3- علاقة "الحب المشتعل"، حيث تتوافر فيها العاطفة المتوقدة ولكن دون حميمية ودون التزام، وهي التي يطلق عليها أحيانا "الحب من أول نظرة" حيث توجد بين الشخصين مشاعر غريزية وعاطفية متصاعدة، ولكن دون أن يكون بينهما قرب وتفاهم حقيقي، ودون التزام طويل المدى، وحسب الدراسات فإن هذه العلاقات قد تختفي في أي وقت مع ذواء جذوة العاطفة المتوقدة. 


4- علاقة "الحب الخاوي"، وسمي بذلك لأنه يتوافر فيه عنصر الالتزام فقط، بينما هو خاو من الحميمية والقرب ومن العاطفة المتوقدة كذلك، وبينما ينتهي كثير من العلاقات الزوجية عبر الزمن إلى علاقة حب خاو، فإن العلاقات الزوجية في المجتمعات المحافظة التي يتم فيها الزواج عبر الأهل دون وجود علاقة مسبقة تبدأ كـ "حب خاو" ثم قد تتطور إلى أشكال أخرى من الحب عبر الزمن إذا بذل العريسان الجهد اللازم لذلك. 


5- علاقة "الحب الرومانسي"، وهي العلاقة التي يتوافر فيها عنصرا الحميمية والعاطفة المتوقدة، دون وجود الالتزام، وهي ما يطلق عليه عادة في ثقافتنا العربية المعاصرة اسم "علاقة حب". 


6- علاقة "الحب العطوف"، وهي علاقة تتوافر فيها الحميمية والالتزام دون وجود عاطفة متوقدة، فهناك الشعور الخاص بالمحبة والتفاهم المشترك، وهناك الالتزام طويل المدى، وذلك كما تجد في العلاقات ضمن الأسرة الواحدة، أو في العلاقات الزوجية التي زالت منها الرغبة الجسدية المتوقدة، أو في علاقات الصداقة الشديدة التي يتعاهد فيها الأصدقاء على الصداقة والترابط والالتزام إلى الأبد. 


7- علاقة "الحب الساذج"، وهي العلاقة التي تتوافر فيها العاطفة المتوقدة والميل الجسدي والغريزي دون وجود الفهم المشترك والمحبة الحقيقية، وذلك عندما تنتهي هذه العلاقة بالزواج والالتزام بناء على هذا الميل الغريزي، وهذه العلاقات تكون عادة غير مستقرة إلا إذا طور الزوجان علاقتهم الحميمة لاحقا. 


8- علاقة "الحب التام"، وهي العلاقة التي تتوافر فيها العوامل الثلاثة معا، وهي تمثل ذروة المتعة والشعور الإنساني الجميل نحو الآخر التي يحلم بها الناس، ولكن سترنبرغ يقول إن المحافظة على هذه العلاقة لفترة طويلة أصعب من الوصول إليها، ولا يمكن أن يتم إلا بالتعبير المستمر عن الحب وعن العاطفة، وفي كثير من الأحيان تستمر هذه العلاقة لفترة من الزمن ثم تتحول إلى علاقة حب عطوف. 


أخطر ما توصل إليه سترنبرغ (وهو أستاذ في جامعة ييل الأمريكية الشهيرة، وأجرى بحوثه في الثمانينيات الميلادية) أن هذه العلاقات تتحول سريعا من شكل إلى آخر، وأن أيا من هذه العوامل قد يختفي مع الزمن إذا لم تبذل فيه الجهود الكافية للمحافظة عليه، وأن ليس هناك شيء اسمه "بقاء الأمور على ما هي عليه" كما يظن الكثير من الناس الذين يعيشون علاقة حب ما. 


الحب منحة لمن يستحقها ويحافظ عليها، وهم نادرون أما البقية فليس لهم إلا الآلام والجروح و..الخواء!





ألوان الحب! 



عندما تعيش الحب عميقا، ترى العالم كله يتمحور حول الحب. الحب يمنحنا أغلى عواطفنا ويتسلل إلى مناطق دفينة في القلب والعقل فيحركها ويعيد بناء رؤيتنا للأشياء. 



هناك مئات النظريات العلمية والكتابات الأدبية والفلسفية التي حاولت فهم الحب، وقد تناولت في مقال سابق "النظرية الثلاثية في الحب" التي تقسم الحب إلى ثمانية أنواع بناء على "العلاقة الحميمة" و"العاطفة المتوقدة" والالتزام. لكن هذه النظرية عامة تتحدث عن كل أنواع العلاقات الاجتماعية، وليس ما يفهمه الناس والشعراء على أنه "حب"، كما أنها لا تضع في الاعتبار التنوع الكبير في عواطف الناس، لذا سأتناول اليوم نظرية أخرى مميزة هي نظرية "ألوان الحب" أطلقها عالم نفس أمريكي شهير اسمه "جون لي" في السبعينيات الميلادية. 


الحب حسب هذه النظرية هو حالة معينة من بين ست حالات يجسدها الإنسان في علاقته وتضع كل تصرفاته في إطار معين، وقد يختلف الموقف النفسي للرجل والمرأة في العلاقة نفسها، وفي كل مرة يختلف نوع علاقة الحب (أو لونها) جملة وتفصيلا. هذه الحالات الست هي: 


الحالة أو اللون الأول هو "الحب الرومانسي"، والحب هنا يعتمد على الإعجاب السريع بالطرف الآخر القائم على تقييم الجمال وعلى الارتياح النفسي و"الحب من أول نظرة". يعيش المحب في هذه الحالة في وضع فيه كثير من الخيال عن الطرف الآخر، وبينما يمنحه هذا شعورا رائعا، فإن مشكلته عندما يتطور إلى الزواج ويطول الزمن أن الإنسان قد يصحو من خيالاته ويكتشف عكس الصورة التي كان يحملها عن المحبوب، لذا ينظر الناس عادة إلى المحب الرومانسي على أنه غير عملي أو غير واقعي. 


الحالة الثانية هي حالة "المغامرة"، في هذه الحالة يبحث المحب عن العلاقة العاطفية كجزء من لعبة كبيرة في حياته حيث يسعى دائما للانتقال من علاقة إلى أخرى باحثا عن الكم أكثر من الكيف. هذا النوع من المحبين يجد علاقاته ضمن مغامراته وسرعان ما يتعافى من انتهاء علاقة لينتقل إلى علاقة أخرى باحثا عن تحد جديد في حياته. بالنسبة لهؤلاء، الزواج هو مجرد فرصة للإنجاب وإلا فهم يهربون منه عادة وإذا وقعوا فيه كانوا كثيري الخيانة الزوجية. 


الحالة الثالثة هي حالة "الصداقة التي تتطور إلى حب"، حيث تبدأ العلاقة على شكل صداقة تتطور تدريجيا إلى علاقة حب غالبا ما تكون متينة جدا، حيث يرى المحب الطرف الآخر في العلاقة والزواج كأعز الأصدقاء. الانجذاب الجسدي يكون عادة أقل أهمية في هذه الحالة مقارنة بالاهتمام بالانسجام الكامل بين الطرفين. 


الحالة الرابعة هي حالة "الحب العملي" حيث يفكر المحب بشكل عقلاني وعملي عن الصفات التي يبحث عنها في المحبوب لأنه يريد "ميزات قيمة" في اختياره بناء على المقارنة بالأشخاص الآخرين. أثناء العلاقة بين الاثنين، هناك تقييم دائما لما يحصل عليه وما يكلفه ذلك، ويأتي الزواج والإنجاب جزءا من هذا الحساب. ميزة هذه الحالة هي كونها عملية جدا، وعيبها أنها تفتقد عادة عاطفة الحب الجياشة. 


الحالة الخامسة هي حالة "الحب الجنوني"، وفي هذه الحالة يكون المحب ضعيف الثقة بالنفس، ويرى نفسه في "حاجة" إلى المحبوب، ويحاول امتلاك المحبوب، ويكون شديد الغيرة، ويرى الإنجاب كنوع من زيادة الارتباط أو حتى بديلا عن المحبوب، وإن كانت ميزة هذا النوع من الحب هي اشتداد قوة العلاقة لفترة طويلة. 


الحالة السادسة هي حالة "الحب الروحاني" - كما تسميه النظرية، حيث يتحول الحب إلى حالة خاصة لدى الإنسان، حيث يرى الحب منحة حصلت له، ويتمنى أن يمنح محبوبه كل العناية الممكنة. يمنح هؤلاء المحبون حبهم كرما لا محدودا وغير مشروط، ولكنهم مع الزمن قد يشعرون في كثير من الحالات أن المحبوب استغلهم لصالحه، ويترك هذا آثارا سلبية حادة. 




لكن نظرية ألوان الحب لا تقول إنها فقط ستة ألوان، بل إن لكل حالة من الحالات درجات متعددة، ولذا فلو كان لدينا خمس درجات لكل حالة، فهذا يعني أن لدينا 30 لونا للحب (6X5)، وإذا كان لون الحب عند الرجل مختلفا عن المرأة فهذا يعني أن لدينا 900 (30X30) شكلا من أشكل علاقات الحب. 




هذه الحسبة الرياضية السهلة تشرح لماذا يكون الحب معقدا، ولماذا يصعب على الناس فك أسراره، فهذه الكلمة المكونة من حرفين فقط تطلق على 900 عاطفة مختلفة عن بعضها بعضا، وبالتالي فلا يمكن وضع القواعد والقوانين نفسها لتشمل كل هذه الألوان المختلفة من الحب. 


الحب أيضا قد يكون سلسا جدا إذا كنت صادقا مع نفسك ومع الآخرين وتصرفت على سجيتك وكنت إنسانا عطاء يمنح الآخرين بكرم روحه ونفسه وابتسامته ورقراق قلبه الصافي. 


الحياة جميلة لولا العقد النفسية والقلوب القاسية والأطماع البشرية والأسئلة الصعبة!!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشخصية الهذائية

المراهقون و لغات الحب الخمس

الإفصاح عن الذات