عقاب الطفل




* السؤال ليس كيف تعاقب طفلك ولكن لماذا تريد معاقبته؟ العقاب بالنسبة للطفل هو آخر ما يُلجأ له أثناء التعامل مع الأطفال، فليس كل طفل يستحق العقاب وليس كل طفل يجدي معه العقاب. هناك فروقات نفسية جوهرية حتى بين الإخوة والأخوات المتقاربين في السن ولا يوجد مقاس واحد يناسب الجميع. لو وحدنا آلية العقاب فكأننا نقول أننا وحدنا آلية الثواب أيضا وكأن الذي يعجب طفل واحد بالضرورة يعجب إخوته.

* قبل أن نلجأ للعقاب علينا أن نفكر ما هو العقاب من وجهة نظر الطفل؟ في الغالب يمارس الآباء والأمهات العقاب دون علمهم ذلك أن العقاب بالنسبة للطفل مختلف تماما عما يعتقده البالغون. عندما تجبره على تناول طعام معين ربما أنت تعاقبه دون أن تدري، أو عندما تريده أن يلعب لعبة تعتقد أنها ستنمي عقله، فهو قد يراها عقابا بلا مبرر. الضرب عقاب مفهوم بالنسبة لنا ولكن بالنسبة للطفل هو إعتداء صارخ وظلم ما بعده ظلم. في الغالب نحن نعاقب أطفالنا بطرق شنيعة من وجهة نظرهم على أعمال لا يدركون ما العيب فيها. يصبحون كالأطرش في الزّفة، وهذا ما يجعل نفسياتهم تسوء.

* أيضا العقاب يختلف من بيئة إلى أخرى. لا يمكن تطبيق نفس نظريات العقاب على كل البيئات الثقافية. كل بيئة وكل بيت له ثقافة مختلفة عن البيت الآخر وهذا تحدده العلاقة بين الوالدين ومستوى وعيهم والبيئة التي ينحدران منها. الطفل الذي يتربى في بيئة قوية يختلف عن الطفل الذي يتربى في بيئة ضعيفة، والطفل الذي ينشأ في بيئة قاسية يختلف عن الطفل الذي ينشأ في بيئة وادعة، والطفل الذي يتربى في عائلة ضاحكة باسمة يختلف عن الطفل الذي يتربى في عائلة جادة أو صامتة.

* هناك أطفال أذكياء وهناك أطفال حساسون وهناك أطفال لديهم قدرات حدس قوية وأطفال بلا قدرات ولا شخصية ومليون تصنيف وتفريع آخر لا يمكن حصرها فكيف سيتم التعامل مع كل تلك الإختلافات بنمط واحد كما يروج بعض خبراء التربية الحديثة؟ علينا أن نكون واقعيين في نظرتنا للتربية ولا نصدق أي شيء يقال فقط لأن شخصا ما يدعي أنه يعرف الأطفال أكثر منا. مع ذلك فهذا لا يلغي دور خبراء التربية أبدا ولكن علينا أن ننتقي ما يناسب البيئة التي ننتمي إليها ودرجة إدراك الطفل الذي نتعامل معه. وإليك بعض المبادىء الأساسية للتعامل مع طفلك. هذة خطوط عامة تمثل نقطة تفاهم جيدة بينك وبين طفلك ومنها تكتشف طبيعته وعلى ضوء ذلك تحدد التصرف الأفضل والأنفع.

عامل الطفل بإحترام منذ الولادة.هذا شعور ونظرة إحترام. تحترم وجوده في حياتك وأن له كرامة
تحدث إليه وحاول أن تفهم ما يريد لا ما تريده أنت
إذا أردت منه شيء فإستخدم إسلوب التشجيع لكن إحذر لا تجعل التشجيع أسلوب إبتزاز وكأنك لا تشجع إلا إذا أطاعك طاعة عمياء
لا تصرخ كثيرا. كلما هدأت أنت كلما هدأ هو
لا تحابي طفل على آخر ولا تدخلهم في صراع المنافسة والمقارنة
لا تحتقر البنت أمام أخوها ولا تقلل من شأنها. المساواة مهمة بين الجنسين
درب الأولاد على الإهتمام بأخواتهم وتوفير الحماية لهن
درب البنات على إحترام الأولاد وإحترام دورهم كحماة (إحترم الجندي الذي يقاتل بالنيابة عنك)
شجعهم على الحوار وحل خلافاتهم فيما بينهم
لا تلجأ للعقاب الجماعي من باب العدل لأن هذا ظلم واضح
قدم الثواب الجماعي عندما يحسن بعضهم التصرف
إذا عاتبت طفل وفر له الحماية من أخوته. لا تسمح لهم بالإستهزاء به
غض الطرف عن الطفل إذا أخطأ خطأ بسيطا وحاول أن تمسكه متلبس بالفعل السليم وشجعه
دائما شجع التعاون والعمل الجماعي
شجع طفلك على الكلام والتعبير عن رأيه
عاتب على الأخطاء لا على أسلوب التواصل معك
تفاهم على أسلوب التعامل مسبقا مع والدتهم أو والدهم
لا تحمل مشاعر سلبية على طفلك إن أخطأ ولكن إجعل هدفك مصلحته
إختلافك مع أمهم لا يعني أنهم يتحملون مسؤولية خلافاتكما
لا تتلاعب بعقل طفلك وتوهمه بمخاوف ومخاطر غير حقيقية
لا تستخدم أسلوب الخداع أبدا
أخرج معهم للحديقة أو شاطىء البحر لتفريغ الطاقة الزائدة
لا تحرج طفلك أمام أصدقائه
إذا أخطأت في حقه إعتذر له بكل وضوح
لا تروج لفكرة العمل بمقابل ولا تغريه بالمال والألعاب ليقوم بعمله
أوكل لأطفالك مهام ومسؤوليات في البيت وتابع تنفيذها
شجع طفلك على ممارسة الهوايات المختلفة وحاول أن تكتشف مواهبه
إسمح له أن يغضب ويزعل ويعبر عن غضبه وإستياءه
هذه بعض الأمور التي عليك أن تراعيها أثناء تعاملك مع أطفالك. أنت هنا تضع قاعدة مشتركة للجميع في البيت. الكل يتعامل ضمن تلك الخطوط العريضة للعلاقة الأسرية التي تربطكم معا. أي شيء خارج هذا الإتفاق العام قد يستدعي إجراءآت مختلفة. تشجيع أكثر أو تحذير وعتاب. لكن رغم كل ذلك و رغم ممارسة أفضل سبل التربية الحديثة فهناك أطفال يجعلونك تخرج أسوأ ما فيك. لا تجزع ولا تتسرع. خذ نفس عميق وأنظر لماذا يستمر الطفل في إثارة المشاكل وما هي أفضل أساليب التغيير؟ هذة لن تعرفها عندما لا تقوم بواجبك نحوه. ما ذكرناه أعلاه يمثل دورك كأب أو أم لتتأكد بأنك قمت بالتصرف السليم نحو الجميع فأنت لم تعتدي عليهم ولا على حريتهم ولم تبخل عليهم في تعاملك معهم ووفرت لهم قدر إستطاعتك بيئة سليمة ومتوازنة. لهذا سنستبعدك كسبب للمشكلة. الآن نحن نعلم أن المشكلة في الطفل وفي هذة الحالة قد نضطر لإستخدام العقاب.

عندما تريد أن تعاقب طفلك هذا بعد إستنفاذ كل الطرق الأخرى ضع في حسبانك أنك تريد أن تصلحه لا أن تكسره وإن إستخدمت أسلوب عقاب فإستخدم الأخف على النفس لأن عقاب الكبير يختلف عن عقاب الصغير. ولا تقلق لن يصاب الطفل بعقد نفسية إن كان العقاب ينبع من نفس نقية. لأن هناك للأسف آباء وأمهات يكرهون أطفالهم ويشعرون بالإشمئزاز منهم ويتمنون تدميرهم عندما ينفعلون. لا يمكنهم التحكم بمشاعرهم عندما يغضبون.

إليك بعض طرق العقاب الجيدة والتي يجب التوقف عنها فورا حال أداء مهمتها: 

*الطريقة المباشرة – تحدث للطفل وقل له أنك مستاء من تصرفه وتتمنى لو يصحح وضعه
هذه الطريقة فعالة جدا مع كثير من الأطفال
*حجز الحرية. بالنسبة للطفل، عشر دقائق في غرفته بعيدا عن العائلة تعتبر كافية
*تحديد الوقت. قلل من الوقت المسموح له بالأنشطة التي يحبها
*التهديد بالعقاب أو المنع. مع التنفيذ إذا لم يلتزم الطفل
*الخسارة. يخسر الخروج مع العائلة مثلا إذا إستمر في سلوكه الخاطىء
*الضرب الخفيف على اليد. هذا فعال جدا للتعبير عن الإستياء وليس القصد منه الألم. مجرد إشارة واضحة إلى مقدار الإستياء الذي سببه لك
بعد أن يعود الطفل إلى رشده (مجازا) إبدأ بحملة تشجيع وإعادة الحقوق المسلوبة منه.

*بالنسبة لكثير من الأمهات اللاتي يشتكين من عدم إكتراث أطفالهم بكلماتهم. أولا توقفي عن الصراخ. خصوصا الأولاد لا يتأثرون بصراخ أمهاتهم لأن صوت المرأة بشكل عام ليس فيه التذبذبات المطلوبة لإخافة الطفل، فهي مصدر أمان و حنان. إستبدليه بالحزم في التعامل. صوت الأم يزعج الطفل لكنه لا يخيفه ولكنه يتجاوب بشكل جيد مع الحزم في التعامل. عندما تفقدين أعصابك وتصرخين فإن الطفل يترجمها على أنها ضعف في شخصيتك وربما يستدرجك للمزيد.

بينما صرخة الأب مختلفة وحتى الرجل عديم الشخصية عندما يصرخ يؤثر في الأطفال. هذا من طبيعة التكوين وليس لميزات أخرى أو تفوق من أي نوع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشخصية الهذائية

المراهقون و لغات الحب الخمس

الإفصاح عن الذات