الحب و المعرفة ,,
هناك مَثَل يقول : الانطباع الأول هو الانطباع الأخير, بمعنى أن
من تحبه من النظرة الأولى ستبقى تحبه دوماً , أو على الأقل أن من ترتاح
إليه من النظرة الأولى سترتاح إليه إلى الأبد .
أعتقد أن هذا المَثَل , شأن كثير من الأمثال الأخرى غير دقيق .
إن سألت أحداً لم يغادر مدينته يوماً : ما رأيك في الحياة في نيويورك؟ هل
تحبها؟ سيكون جوابه : سمعت أنها مدينه جميلة.
فتعيد عليه السؤال : لكن ما رأيك بالحياة فيها؟
سيجيب : لم أزرها لأعرفها , فكيف أحكم عليها؟
و هذا هو الجواب الصحيح .
لا يمكن أن تحب شيئاً لا تعرفه .
فأساس الحب الحقيقي هو المعرفة لا الشكل الخارجي , أو الانطباع الأولي
فقط , الكره نقيض الحب , كما الأسود نقيض الأبيض .
فإن سألت أحدهم عن شخص لا يعرفه : ما رأيك فيه؟
سيقول : لا أعرفه .
و إن سألت مرة أخرى : هل تكرهه؟
فسيكون الجواب المنطقي : لا أعرفه كي أكرهه .
وكما أن الكره لا يأتي دون معرفة و تجربة سابقة تجعلك تصدر
حكماً على الشخص , كذلك الحب أيضاً , لا يتأتى بلا معرفة .
المعرفة إذاً هي أساس لبلوغ الرشد في مشاعرنا .
الإحساس الداخلي في غاية الأهمية . لكنه ليس كافياً ليجعلنا نحب أو نكره إنساناً محدداً قبل أن نعرفه .
من هنا أستغرب عندما يخبرني أحدهم كم هو هائم في حب امرأة , أو كيف هي هائمة في حب رجل .
دون أن يعرف هو من تكون هي , أو تعرف هي من يكون هو .
هذا ليس حباً.. لعله إعجاب فقط , لكن الإعجاب لا يقود بالضرورة إلى الحب .
أعط انطباعك الأول فرصته , لكن لا تجعلها الفرصة الوحيدة , لأن القلب يخدع , والمعرفة لا تفعل .
هانى النقشبندى
تعليقات
إرسال تعليق