ألعاب نفسية.. لعبة (اتغير.. بس خليك زي ما انت..)..!!


#ألعاب_نفسية..
لعبة (اتغير.. بس خليك زى ما انت..)..
خلال الفترة اللى فاتت لاحظت ملاحظة غريبة جدا..
بيجيلى واحدة بتشتكى مر الشكوى من جوزها: بيعاملنى وحش.. مش بيحترمنى.. مش بيحس بيا.. قاسى.. أنانى.. متسلط.. مسيطر.. وساعات (بيخونّى) أو (بيعرف واحدة عليا)..
باطلب منها تخلى جوزها يجيلى.. وباكون عارف إن ده صعب جداً وأحياناً مستحيل.. لكن فى الحقيقة بعضهم بيجي فعلاً.. وبينى وبينكم.. مش بيكون جاى جدعنة ولا شهامة.. بيكون فى معظم الأحيان جاى علشان يثبت إنه صح.. أو يفشل قصة العلاج دى من أصله.. أو جاى تحت الضغط من مراته أو أهلها والتهديد بالانفصال..
المهم.. باسمع الزوج وباكون باغلى من جوايا زى البركان المكتوم بالظبط: بص يا دكتور.. مش بتسمع كلامى.. بتجادلنى.. بتعاملنى بندية.. بتعلى صوتها عليا.. مش بتحترم إن أنا الراجل وهى الست.. عاوزة نبقى راس براس.. فين القوامة؟ أنا القائد.. أنا صح.. أنا صح (بصوت حسن شحاتة فى فيلم طير انت).. باكون شايف قدامى طفل صغير عاوز يثبت لنفسه إنه إله أو نصف إليه يأمر فيطاع.. ومش من حق حد يجادله.. أو يشاركه.. أو حتى يرد عليه..
بامسك أعصابى.. وأحط شرايينى فى تلاجة، وأطلب منه بكل هدوء إنه يتعالج.. وافهمه بالراحة إن أى مشكلة زواجية أو علاقاتية مهم إن الطرفين فيها يتغيروا علشان العلاقة تستقيم، والزواج يتصلح.. وماينفعش حد يشيل الشيلة لوحده..
بعض الرجالة مش بشوفهم تانى بعد اللقطة دى.. اللى يكسل.. واللى يزهق.. واللى يرفض.. واللى يكابر.. واللى يقول هو أنا مريض علشان أتعالج.. واللى.. واللى..
لكن..
فيه عدد مش قليل بيقبل فعلاً الفكرة.. ويقرر إنه يبدأ برنامج علاجى بجد.. وحتى لو كان ده بهدف الاختبار أو حرق كارت العلاج فى الأول.. لكنه بيحضر.. وبيشارك.. وبيكمل..
مش بس كده.. ده بيشوف خلال رحلة علاجه إنه مسئول بدرجة كبيرة عن صعوبات زواجه وعلاقته بمراته.. وبيكتشف البلاوى الزرقا والمفاهيم الخاطئة اللى اتربينا عليها فى مجتمعنا المتدين بطبعه فيما يخص الرجولة والأنوثة والقوامة والزواج والعلاقات.. بيفتح مخه.. وبيفهم.. ويستوعب.. ويقبل.. ويتألم.. وللمفاجأة.. بيتغير..
تصوروا.. راجل مصرى.. إله فرعونى أسطورى خارق.. بيسمح لنفسه إنه يكبر.. وينضج.. ويتغير..
فين بقى اللعبة؟
فين التكة؟
اصبر عليا..
المشهد التانى.. هو مشهد مريض جاى يشتكى من أهله.. معاملة قاسية.. استغلال عاطفى.. ظلم بيّن.. أمه عاوزة تبلعه بلع.. أبوه بيدمره بمعنى الكلمة.. كوارث ومصائب نفسية يشيب لها الولدان.. أطلب منه يجيبلى أمه.. تيجيلى وأقعد واتكلم معاها وأقولها إن حضرتك اللى محتاجة تتعالجى مش ابنك (وبيحصل كتير بالمناسبة إن أهل المريض يكونوا هما اللى محتاجين علاج مش المريض نفسه).. اطلب منها تتعالج وتحضر بانتظام.. وتوافق على ده فعلا رغم إنه صعب عليها بجد.. تحضر وتنتظم وتسمح لنفسها إنها تشوف.. وتتعلم.. وتتغير..
طيب وبعدين؟
فين يا عم اللعبة؟
شوف يا سيدى.. اللعبة فى المشهد الصادم القادم.. مشهد الزوج اللى كان زى الفرعون من كام شهر وهو قاعد قدامى دلوقت زى الطفل الصغير اللى بيبكى بمنتهى الحرقة:
- أنا اتغيرت يا دكتور.. أنا اكتشفت الزبالة اللى كنت فيها.. ورفضت البلاوى اللى اتربيت عليها.. أنا عرفت إن الرجولة مش هى الصوت العالى.. عرفت إن القوامة مش هى الافترا.. أنا كنت ظالم نفسي وظالم مراتى.. أنا بطلت اتحكم واسيطر.. أنا باعاملها بمنتهى الاحترام.. باسيبها تعمل اللى هى عاوزاه.. لا.. أنا شايف إنى مش من حقى أصلاً أقولها اعملى أو ماتعمليش.. أو اخرجى أو ماتخرجيش.. أنا مؤمن إنها كائن مستقل بذاته ومسئولة عن نفسها وده حقها..
- الله ينور عليك.. أنا فعلاً فخور بيك وباللى انت وصلتله.. أنا مش مصدق إن فيه راجل مصرى يسمح لنفسه إنه يتغير.. ومش مصدق إنى ممكن أسمع الكلام ده فى يوم من الأيام.. طبعاً أكيد مراتك دلوقت هى أسعد واحدة فى الدنيا.. مش كده؟
- للأسف لا يا دكتور.. تصور يا دكتور.. مش عاوزة تشوف إنى باتغير.. بتوقفلى على الواحدة.. بتفكرنى باللى فات، مش عاوزة تشوف البنى آدم الجديد اللى قدامها.. مش هاين عليها حتى تقوللى كلمة حلوة.. أو تبصلى بصة طيبة..
- معقول.. تعالى يا ستى.. إيه؟ كنتى بتشتكى من الراجل والراجل اتغير وبيتغير.. ومجرد إن راجل مصرى يتغير دى معجزة كونية نادرة الحدوث.. فيه إيه؟
- مش عارفة.. لسه فيه حاجات زى ما هى..
- آه بس ده فيه حاجات كتير أوى اتغيرت..
- لا.. هو لسه زى ما هو.. ده بيمثل.. كل حاجة زى ما هى.. ماتغيرش.. ولا عمره هايتغير.. أنا نفسي قافلة منه من زمان..
- طيب ولما انتى نفسك قافلة منه من زمان.. كنتى عاوزاه يتعالج ويتغير ليه؟! ماكنتى تسيبيه من الأول وتريحينا..
- معرفش بقى..
أوبا.. هنا بقى يا سيدى اللعبة.. ولك أن تتخيل نفس المشهد بالظبط مع الأم أو الأب اللى بيتغيروا، سواء بالعلاج.. أو بالزمن.. أو بالخبرة.. ويفضل ابنهم أو بنتهم مش شايفين.. أو مش عاوزين يشوفوا تغيرهم.. مهما كان واضح..
إيه بقى الحكاية؟
الحكاية إننا ساعات بنشتكى من حد.. ونطالبه بكل حماس إنه يتغير.. وأول ما يتغير.. نقوله لا والله.. كان زمان.. أو (لأ.. أنا مش مصدق تغيرك).. أو (لأ.. مش هو ده اللى أنا مستنيه/مستنياه)..
الست تكون بتشتكى من جوزها.. ولما ربنا يهديه ويتغير.. ترفض تغيره أو ماتشوفوش أو تشكك فيه.. وكأنها عاوزاه (بشكل غير واعى) يفضل زى ماهو مطلع عينيها ومكفر سيئاتها..
الأبناء يشتكوا من آباءهم.. ولما يربنا ينور بصيرتهم ويتغيروا.. يبقى مش هاين عليهم يشوفوا تغيرهم أو يعترفوا بيه.. وكأنهم بيدوروا على الغم.. والهم.. والحزن..
حاجة غريبة جدا.. بس مش هاتبقى غريبة أوى لو عرفنا اللى وراها.. اللى حاصل فى عقلنا الباطن من تحت لتحت..
هو مين المستفيد الأول من الشكوى؟ الشاكى طبعاً..
مين اللى شايف قدام نفسه إنه مظلوم ومكسور ومتهان؟ الشاكى طبعاً..
مين اللى يستاهل الانتباه والاهتمام والتقدير والمساعدة؟ الشاكى طبعاً..
هو مين اللى بيلعب دور الضحية فى اللعبة دى كلها؟ أيون.. الشاكى طبعاً..
مين بقى اللى هايخسر كل ده لو الوضع اتغير؟ بالظبط.. الشاكى طبعاً..
ماهو لو راح الجانى.. لو الجانى اتعالج ومابقاش جانى.. لو ربنا هداه واتغير.. لو ربنا كرمه وشاف مسئوليته وبقى انسان مختلف.. ساعتها الضحية ينفع يبقى ضحية من غير (جانى)؟ 
الإجابة.. لأ.. طبعاً..
يعنى من فوق اشتكى واشتكى واطلب التغيير..
ومن تحت ممكن أقبل أى حاجة إلا التغيير..
من فوق باقول أنا مظلوم.. ارفعوا الظلم عنى..
ومن تحت.. أرجوكم اوعوا ترفعوا الظلم عنى..
من فوق ياريت تتغير..
من تحت: خليك زى ما انت.. إوعى تتغير..
ماهو لو انت اتغيرت.. هاروح فين أنا بقى؟ لو انت اتعالجت.. اشتكى ازاى يعنى؟ لو انت اتصلحت.. اعمل ايه ان شاء الله؟
طبعاً ده لا ينفى إنه فعلاً فى بعض الأوقات بتكون العلاقة وصلت لمرحلة سرطانية ماينفعش معاها أى تغير ولا أى علاج.. بس ساعتها يبقى الانفصال من الأول أرحم وأهون من ممارسة هذه اللعبة الصعبة المرهقة..
عندنا قاعدة فى العلاج النفسي بتقول إن المريض دايماً بيقاوم علاجه علشان فيه جزء من جواه عاوزه يفضل زى ما هو.. يعانى ويشتكى.. بس الألعن من كده.. هو إن أقرب الأقربين للمريض (الزوجة.. الزوج.. الوالدين).. واللى هما جايين يشتكوا منه.. هما شخصياً يقامواعلاجه.. ويرفضوا التغير.. علشان يفضلوا يشتكوا.. ويشتكوا.. بلا نهاية.. ويكونوا -بشكل ما- مستفيدين من مرض المريض.. اللى بيظبط دورهم فى المعادلة.. ويؤكدلهم قدام نفسهم إنهم ضحايا.. وان الحكاية مالهاش حل..
غريب جداً.. ومعقد جداً.. هذا الكائن البشرى اللى اسمه انسان..
غلبان جداً.. ومفترى جداً..
ظلوم جداً..
جهول جداً..
متكبر جداً..
أبوس ايديكم..
تغيير البنى آدميين بيقاس بميزان الدهب.. الجرام فيه بيطب..
شوفوه.. وقدروه.. وامتنوا لصاحبه..
اسمحوا لنفسكم.. واسمحوا لغيركم بيه..
جددوا رؤيتكم لنفسكم وللناس كل يوم.. كل ساعة.. كل دقيقة..
امنحوا الفرص.. 
واستغلوا الفرص.. 
واقتنصوا الفرص..
التى قد لا تعود..
#محمد_طه

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشخصية الهذائية

المراهقون و لغات الحب الخمس

الإفصاح عن الذات