السمنة و زيادة الوزن من منظور نفسي
بداية مع التسليم بالأسباب الجينية والبيئية والاستعداد الوراثى وغيرها من العوامل اللى ممكن تسبب أمراض نفسية أو جسمانية، فحضرتك علاقتك بجسمك محتاجة إعادة نظر..
إحنا طول الوقت فى حوار مع جسمنا حتى لو ماخدناش بالنا من ده.. فيه رسايل بنوصلها لجسمنا، وفيه رسايل وردود بيوصلها جسمنا لينا.. فيه لجسمنا لغة.. وتاريخ.. ومعانى..
تصورى لما جسمك (كأنثى بشكل خاص) يوصله منك إن فى فترة كبيرة من حياتك إنك كنتى بتهمليه ومش مهتمة بيه فى مقابل المنافسة والمذاكرة والمثالية وغيرها.. تصورى لما يوصله بكل بساطة إن وجوده مش مهم، والاهتمام بيه مؤجل.. وإنه حتى فى بعض الأحيان -بالنسبة لك- مش موجود أصلاً..
عارفة لو طفل صغير حسستيه إنه مش مهم وانه مش موجود هايعمل إيه؟ هايكسر ويخبط ويصرخ ويخرب الدنيا علشان مجرد يحسسك إنه موجود.. جسمك كان بيصرخ ويقولك أنا موجود.. بيقولهالك بصوت عالى فى صورة وزن زائد.. بيقولك (أنا موجود).. (أنا ليا وزن وقيمة).. أنا مش هاسمحلك تتخلى عنى..
طيب.. بعد ما حاول يوصلك الرسايل دى، حضرتك كنتى بتعملى إيه بقى؟ كنتى بتقبليه؟ كنتى بتقبلى جسمك كما هو؟ كنتى بتسمعيه؟ كنتى بتحاولى تعملى معاه أى علاقة طيبة من أى نوع؟ لا.. بالعكس.. انتى كنتى بتدخلى معاه فى خناقة اسمها الدايت ونظم الريجيم الغذائى بكل أساميها الشيك.. عاوز أقولك إن أى نظام غذائى مهما كان ناجح، وأى دايت مهما كانت مشهورة، وأى ريجيم مهما كان قاسى مش هايعمل أى حاجة طول ما انتى مش قابلة جسمك، طول مانتى حاسة بالخجل والخزى والعار منه.. طول مانتى فى خناقة معاه، طول مانتى بتكرهيه، علشان أى خناقة مع جسمك هاتتطلعى منها خسرانة..
تخسى حضرتك زى ما حصل.. يطلع فوراً من جواكى إحساس بالذنب واكتئاب وقلق وتوتر.. لأنك ببساطة قللتى شوية كيلوجرامات.. بس ماحلتيش الخناقة اللى بينك وبين جسمك.. وماقبلتيهوش الا قبول مشروط.. وقولتيله بالفم المليان (أنا مش هاقبلك إلا لو كان وزنك كذا، ومش هاحبك إلا لو كان وزنك كيت).. ارجع تانى واقولك تصورى لو حد فى يوم من الأيام قالك أنا مش هاقبلك واحبك الا لو عملتى كذا او كنتى كذا، هاتحسى بإيه؟ اختزال وتشويه واكتئاب وقلق وهلع.. وطبعاً بعد شوية وزنك هايزيد تانى، وشوية الكيلوجرامات اللى قصيتيها من نفسك ورميتيها فى الشارع هاترجع للحلبة من جديد..
وفرى على نفسك الدايت، واحفظى الكلمتين دول عن ظهر قلب: احسن حاجة تغيرى بيها اى حد او اى حاجة هى انك تقبليه زى ما هو.. عاوزة تغيرى ابنك وصليله انك قابلاه كما هو (وان كنتى غير موافقة على بعض تصرفاته) مش رافضاه ورافضة وجوده.. عاوزة تغيرى نفسك اقبليها ووسامحيها وحبيها كما ما هى الأول (مهما كانت ومهما عملت)، مش ترفضيها وتعذبيها وتكرهيها وتبى عايزة تخلصى منها.. عاوزة تغيرى جسمك اقبليه وحبيه وافخرى بيها كما هو، هاتلاقيه غالبا اتغير لوحده بأقل مجهود وأسهل نظام غذائى..
نيجى بقى نتكلم عن الأهم.. احنا ساعات جسمنا بيكون عامل زى المخزن.. بنخزن جواه بعض المشاعر الصعبة اللى مش عارفين نوديها فين..
كلام غريب؟ لا مش غريب اوى الحقيقة..
ساعات بنخزن فى جسمنا الغضب.. غضبنا من نفسنا ومن اللى حواليانا.. غضبنا من اللى أذونا واللى شوهونا.. غضبنا من العالم والظروف.. من الناس والمواقف والأحداث.. كتير جداً من اللى وزنهم زائد بيكون جواهم طاقة غضب رهيبة، مش ماتعودوش او ماسمحوش لنفسهم أو ماتسمحش ليهم يعبروا عنها.. فيودوها فين؟ يخزنوها ويكبتوها فى جسمهم.. ويزيد جسمهم وينتفخ بلا حدود..
ساعات كمان بنخزن فى جسمنا مشاعر الإحساس (المرضي) بالذنب، واللى بيكون فعلا زائد جداً عن اللزوم، ومش قادرين نوجهه لحد بره، فنعيد توجيهه ذاتياً ونخزنه جوانا.. جوه نفسنا وجوه جسمنا.. ويتحول جسمنا -بكل أسف- إلى كتلة هائلة من الشعور بالذنب يتناسب وزنها وحجمها طردياً مع كمية وحجم هذا الشعور..
كمان ساعات بنملا جسمنا بحاجة أصعب.. حاجة اسمها (الانتقام).. لما بيكون جوانا رغبة عارمة وطبقات متراكمة من الانتقام.. الانتقام من النفس او من الاخرين.. الانتقام من الحياة، ومن الحب ومن البشر.. انتقام هائل كبير مدمر.. عامل زى القنبلة النووية اللى قررنا ندفنها فى أعمق أعماق نفسنا.. وجسمنا..
وحاجات تانية كتير أوى.. محتاجة تتشاف وتتقبل وتتحل.. قبل ما تفكرى تخسى أو تزيدى..
صديقتى العزيزة..
رغم أن المشكلة تبدو عن علاقتك بجسمك.. لكنها فى الحقيقة عن علاقتك بنفسك..
صلحى علاقتك بنفسك (اللى جزء منها أنوثتك).. تتصلح علاقتك بجسمك..
وربنا معاكى..
محمد طه
ملحوظة: الإجابات هنا ليست نصائح أو مواعظ أو وصفات علاجية، لكنها رأى شخصى قد يحتمل الخطاً والصواب، ولا يمكن تعميمه بأى حال من الأحوال.
تعليقات
إرسال تعليق