يجب معالجة الآباء قبل معالجة الأبناء








يجب معالجة الآباء قبل معالجة الأبناء .....
هذه عبارة قالها العالم النمساوي سيجموند فرويد كنت أتذكرها في كل فقرة كنت اقرأها من كتاب ( تربية الأطفال و المراهقين المضطربين سلوكيا ) الجزء الأول الفصل الرابع ( أسباب مشكلات الشخصية ) 
حيث يوضح الكتاب أن الأبناء يشبهون الآباء إلى حد كبير حيث اتضح أن الأطفال ذوي المشكلات الشخصية و هي ( الجبن , الحساسية الزائدة , الخجل , التشاؤم , المخاوف المرضية و غيرها )
إن هؤلاء الأطفال غالبا ما ينتمون لأسر يعاني فيها احد الوالدين من نفس المشكلات و إن في أسر الأطفال و المراهقين ذوي مشكلات الشخصية  يوجد خصائص أساسية تميز الوالدين و تشمل

التسلط و القسوة و التحكم الزائد أو الحماية الزائدة و النقد الزائد و كثرة المطالب و الجمود و الإسراف في المحافظة على النظام .

و يبدو أن والدي الأطفال ذوي المشكلات الشخصية يميلون بقصد أو بدون قصد إلى تعليم أطفالهم أن العالم الذي يعيشون فيه مخيف و أن الفرد الذي يعيش فيه يتعرض للتوتر و أن أي أخطاء يرتكبها الفرد تعد محطمة و تعرضه للرفض أو للنبذ من الآخرين .
مثل هذه الأساليب غالبا تعرض الطفل للشعور بالخجل الشديد أو القاسي و يصبح من أهم أهداف كثيرا من الأطفال تجنب عمل أي شيء يجذب انتباه الآخرين أو يعرضهم للنقد .


و في بعض الأسر يعمد الوالدان إلى تحذير الأطفال باستمرار من أن الآخرين سوف يتجاهلونهم أكثر لو ارتكبوا أي خطأ أو إذا حاولوا طلب أي شيء يحتاجون إليه , و قد يضمر الوالدان نوعا من تبلد المشاعر أو عدم الحساسية بدرجة تشعرهم بالاشمئزاز من أنفسهم , وبالتالي يحاولون إخفاء تلك المشاعر من خلال ممارسات مختلفة تتضمن النقد الشديد للأطفال من مظهرهم و ملابسهم و عاداتهم و خصائصهم الشخصية و قدراتهم و انجازاتهم الدراسية و أصدقائهم .

و قد لاحظ احد الإخصائيين النفسيين الذين يعملون كثيرا مع الأفراد الذين يتميزون بالخجل
 قد لاحظ تكرار ذكر الأطفال للتعليقات التي كانوا يسمعونها من الوالدين باستمرار في الصغر و وصفهم بالغباء و القبح و التفاهة.

و قد يحاول بعض أولياء الأمور توفير الحماية الزائدة لأطفالهم من المخاطر التي يعتقون أنها منتشرة في كل مكان بالعالم , و من ثم يحذرونهم من الغرباء مثل ( هلأ بيجيك الحرامي ) و من الكلاب مثل ( إذا ما بتنام بوكلك الكلب ) و مختلف الحيوانات , و يرسمون لهم صورة مفزعة عما يمكن أن يحدث للأطفال الذين يحاولون الابتعاد عن الوالدين مثل ( مرة ولد بعد عن أمه اجت العصابة و أخذوه و ذبحوه ) , في ظل هذه الظروف فان الأطفال لا يقلدون فقط اتجاهات و سلوكيات الوالدين و إنما يرون الوالدين أنفسهم يحاولون تجنب المواقف و الناس لأنهم خطر .


و قد يواجه الطفل أحيانا بعض القضايا المعقدة عندما يجدوا الوالدين يشجعان باستمرار على توكيد الذات و الاستقلال بل و قد يتعرض لعقابهما إذا مارس أشياء تعبر عن عدم الاستقلالية و يصفانه بعمد الكفاءة .

و لا شك أن معظمنا يتذكر موقفا كان الوالدان يحاولان تشجيع طفلهما على اتخاذ قراره بنفسه ثم يعاقبانه إذا اخطأ .
و لا بد أن نكون قد رأينا الوالدين و هما يشجعان طفلهما على التحدث بينما يخبرون الآخرين بأنه يميل إلى الخجل و الكسوف و غيرها من الصفات التي يعبر عنها عدم كفاءته مثل ( ابني و الله بستحي , خلص يماما لا تحكي )
مثل هذه الازدواجية في التعامل يمكن أن تعرض الطفل للإرباك و القلق و الغضب و الجمود .

و باختصار فان الخصائص الأسرية الأساسية التي يبدو أنها تلعب دورا مهما في نشوء مشكلات شخصية لدى الأطفال تتضمن

 التخويف و الإزعاج و الحماية الزائدة و النقد و توجيه تعليمات متناقضة للأطفال

 و يعد هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للمرور بخبرات تتضمن مستوى مرتفع من حيث القلق و الانفعال استجابة لتلك الخصائص الوالدية مع توقع أن تكون لديهم ردود أفعال 
لذلك يمكن أن تظهر في صورة مشكلات شخصية مختلفة .



و مما سبق ندرك أهمية العبارة التي قالها فرويد ( يجب معالجة الآباء قبل معالجة الأبناء ) و ذلك لما للآباء من دور في غرس المبادئ و القيم و النظرة الاجتماعية و كذلك الدور الأكبر لهم كنماذج يقتدي بها الأبناء في جميع تصرفاتهم و أفعالهم .
فيجب أن يكون الآباء على وعي و دراية بأسس التربية النفسية للأطفال حتى يخرج الجيل الجديد قادر على تحمل أعباء المستقبل و ليسوا جيلا رقيقا خجولا لا يقدرون على مواجهة ابسط المواقف نتيجة لجهل الأهل بهذه الأسس المهمة في التربية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشخصية الهذائية

المراهقون و لغات الحب الخمس

الإفصاح عن الذات