اختراع الكلام !
اختراع الكلام...
للكلمات فائدة كبيرة ، هي أنها تخفي ما نفكر فيه حقاً ..... فولتير
ففي الاتصال بين الناس .. أثبت الباحثون أن التواصل لا يعتمد بشكل رئيس علي اللغة
فاللغة تنقل 7 %
ونبرة الصوت 38 %
وتحركات الجسم 55 %
فاللغة تكون قاصرة أحياناً في التعبير عما نقصده .. وقد تحدث مشكلات نتيجة سوء التفاهم
مثال: أحمد يعمل موظفاً في خدمة العملاء ، الخاصة بإحدى شبكات المحمول..
كانت عندهم خدمة معينة .. وهي أن العميل حين لا يشحن الرصيد في الوقت المحدد ينقطع عنه الخط .. وحين يتصل لإعادته لا يدفع رسوما ًلذلك .. إذا كانت المرة الأولى..
راقب معي كيف دار الحوار :
العميلة : انقطعت الخدمة لأنني لم أشحن الرصيد..
أحمد: لماذا يا سيدتي؟!
العميلة : لقد طلقني زوجي..
أحمد : آسف يا سيدتي.. حسناً .. هل هي المرة الأولي؟
العميلة : !!!!
كان يسألها - بالطبع - عما إذا كانت المرة الأولى التي ينقطع فيها الخط .. ليس عما إذا كانت المرة الأولى التي يطلقها فيها زوجها !
معاني الكلمات:
كل منا يكون مفهومه الشخصي للكلمات .. طبقاً لتجاربه وخبراته... لو جئنا بعشرة أشخاص، وسألت كل منهم عن معنى النجاح. ستجد أن لكل منهم معنى مختلف تماماً عما يقصده الآخر .. فهناك من يعتبر النجاح هو الثروة .. وهناك من يؤمن بأن النجاح هو السلطة .. بينما يؤمن آخر أن النجاح هو أن تجتاز اختبار نهاية العام بنجاح!..
مثال
تعرف سعيد علي نهال .. وكان يحاول أن يقرب وجهات النظر لأنه أعجب بها .. لذلك راحت تسأله كي تتعرف على شخصيته..
نهال:
قل لي يا سعيد.. هل أنت عصبي؟
سعيد: نعم .. عصبي جداً!
ولم يعرف السر الذي من أجله ابتعدت نهال عنه!
كلمة (عصبي ) ليس لها معنى محدد...
فهي بالنسبة لنهال : المجنون الذي يضرب ويكسر كل ما حوله إذا ما جائته نوبة غضب ..
أما سعيد فكان يقصد ببساطة - أنه قد يرفع صوته حين يغضب ، وربما اقترنت العصبية عنده بالرجولة بشكل ما..
مثال :
حين تقال أمامك هذه الجملة:
" يصر أحمد علي التصرف هكذا رغم علمه أن هذا يضايقني.."
هل تظن أن هذه العبارة واضحة ونقلت لك المعنى تماماً؟
بالطبع لا ... لأن هناك اشياء مبهمة في الجملة .. لو عرفتها قد تقلب المعنى الذي في ذهنك تماماً.. فكي تفهم الجملة يجب أن تسأل :
كيف تعرف أن أحمد يعرف ما يضايقك ؟
كيف عرفت أنه يصر - عمداً - على فعل هذا؟
هل هو مصر فعلاً أم أنك تخمن؟
هل هي المرة الأولى التي يفعل فيها هذا؟
هل ما فعله أحمد يضايق فعلاً؟
ما الذي فعله أحمد؟
من أحمد هذا أساساً؟
العقل يميل لتكميل المعلومات الناقصة.. فلو قلت لك أن تكمل الرقم التالي:
0 - 1 - 2 - 3 - (.....)
ما هو الرقم الناقص
4؟
خطأ
لقد كنت أقول لك : رقم هاتفي المحمول ، والذي يبدأ بهذه الأرقام .. الرقم التالي هو 6 وليس 4 .. لكن عقولنا تعمل أوتوماتيكياً لتكميل المعلومات الناقصة .. فجعلك تفترض أنني أقوم بالعد...
وهذا ما حدث في الجملة في المثال السابق..
الجملة مبهمة تماماً، ولا توجد معلومة واحدة كاملة فيها .. لكن عقلك أكمل وحدة المعلومات الناقصة ، وجعلك تتوهم أنك تفهم جملة غير مفهمة أساساً..
فأحمد ينصح زوجته بالاهتمام بالأولاد أكثر لكنها ترفض فجاءت إليك تشكوك ...!!!
هل فهمت الجملة على هذا الأساس؟
هل كنت تعرف أن قائلة العبارة سيدة؟
لماذا افترضت أن أحمد هو المخطيء لمجرد أن هناك جملة مبهمة تشكوك منه؟
هل عرفت أن اللغة لا تنقل لنا إلا المعنى الذي في أذهاننا ؟
قلة أدب!!!
نستطيع من خلال استخدام اللغة أن نضع تقييماً للشخص الذي نتعامل معه.. فمثلاً يمكننا أن نحدد ما إذا كان هذا الشخص محترماً أم لا من خلال انتقائه للألفاظ .. كلماته قد تحدد ما إذا كان شخصاً جيداً أم سيئاً؛ لأنها تعطي صورة عن البيئة التي نشأ فيها وما إلى ذلك ..
لكن اللغة المنطوقة لم تصل إلى حد الكمال بعد.. فسوء التفاهم لا يزال وارداً بقوة حين نتعامل مع شعوب مختلفة ..
مثال:
لو قال أحدهم " الله يعطيك العافية "
فما الذي يعنيه هذا؟
لو قلتها لأحد في دول الخليج لرد عليك السلام مبتسماً
أما لو قلتها لشخص في المغرب العربي، فاحذر من رد فعله نحو هذه السبة.
هذه الجملة تقال في دول الخليج العربي للتحية .. أما في المغرب العربي فتقال للسباب!!
مثال آخر:عبارة : " والله أنت جدع" جيدة أم سيئة؟
لو قلتها أو قيلت لك في مصر؛ فهي أروع ما يمكن أن تسمعه أذناك .. فأن توصف بالمروءة والشهامة لهو شيء رائع حقاً..
أ
ما لو قلتها لأحد في المغرب؛ فهذا لا يصح .. فما هو السبب الذي يدعوك لنعت أحدهم بأنه حمار؟
كلمة "جدع" نقولها في مصر للمديح.. أما في المغرب والسعودية فهي سبة سيئة للغاية!!
مثال ثالث:
(يروي فيها د/شريف عرفة عن واقعة حدثت له في الاسكندرية .... عن بعض المصطلحات المستخدمة هناك وتعتبر في مجتمعنا هنا سبة سيئة للغاية)
ويقول في ختام الواقعة:إلا أنني عرفت الموضوع .. فهذه الكلمة تقال كلمة عادية جداً في الإسكندرية ، ويقولها علية القوم هناك بلا مشاكل ..
لاحظ أنني لا أتكلم عن شعوب أخرى بل أكلمك عن مدينة أخرى في بلدك إن كنت مصرياً..
هذه الكلمة غير لائقة في القاهرة أما في الإسكندرية فهي كلمة عادية جداً!
الخلاصة: لو سألت عشرة أشخاص عن معنى السعادة .. ستحصل على عشر تفسيرات مختلفة لها .. لأن كل منا قد كون مفهومه الذاتي لهذه الكلمة .. لذلك فحين يقولها شخص ما أمامك لا تفترض أنك قد فهمت ما يعنيه فعلاً..
اللغة مراوغة ، لذلك لا تثق بها تماماً.. اسأل الناس عما يقصدون ، فهذا الأسلوب الأمثل كي تفهم ما يقصدون بالفعل..
تعليقات
إرسال تعليق