فن النقد
الشخص الذي يفشل في إظهار مشاعره على الفور يساعد على تراكم مشاعر محبطة رويدا رويدا إلى أن يحدث انفجار في يوم ما. لكن , إذا وُجه النقد في وقت
مبكر , عندئذ يمكن أن يصحح الشخص الآخر المشكلة موضع النقد. ومن المؤسف أن الناس قد اعتادوا توجيه النقد عندما تصل الأمور إلى درجة الغليان ,حين يفقدون السيطرة على أنفسهم من شدة الغضب. وهذا يحدث عادة ,عند توجيه النقد بأسلوب غاية في السوء , وبنبرة تهكمية , مع استرجاع قائمة طويلة من شكواهم المختزنة , أو بالتهديدات. ومثل هذه الهجمة
الإنتقادية تأتي بعكس النتائج المرجوة. مثل هذا النقد يؤدي إلى اشتعال غضب المتلقي. إنه حقا أسوأ أسلوب لإثارة أي إنسان
يقدم »هاري ليينينسون « المحلل السيكولوجي, النصيحة التالية حول (فن النقد)
الذي يتضافر مع فن الإطراء:
- كن محددا: التقط حدثا له دلالة , حدثا يوضح مشكلة رئيسية تحتاج إلى التغيير , أو نموذجا يمثل عدم الكفاءة , مثل عدم القدرة على أداء أجزاء معينة من العمل بصورة جيدة.
هذا لأن ما يثبط معنويات الإنسان هو أن يسمع أنه أخطأ في عمل شيء ما , دون أن يعرف على وجه التحديد , ما هذا الخطأ لكي يعمل على تصحيحه. فلابد من التركيز على التحديد.
نذكر الشيء الجيد الذي فعله الإنسان , وما فعله بالتحديد بصورة ضعيفة ,وكيف يمكن تغييره. لا ينبغي أن تحوم حول الموضوع وتجنب أن تكون غير مباشر ومراوغا , فذلك يشوش رسالتك التي توجهها إلى الآخر. وهذا
تماما يماثل النصيحة التي تقدم إلى زوجين حول كيفية عرض شكواهما ,وهو أن نقول بالضبط ما المشكلة , وما الخطأ فيها , وكيف يؤثر هذا في مشاعرك , وما الوسيلة لتغييره. ف »التحديد « كما يصفه »ليينينسون ,« مهم
في كل من الثناء والانتقاد على حد سواء. ولا أقول إن المديح المتواري ليس له تأثير على الإطلاق , لكن تأثيره ضعيف لا يمكن التعلم منه.
- قدم حلا: فالنقد مثل كل تغذية مرتدة مفيدة , يجب أن يشير إلى طريقة تحدد المشكلة تماما , وإلا فسوف تترك المتلقي في حالة إحباط ومعنويات منخفضة , ودون دافع للقيام بعمل , لأن النقد قد يفتح الباب إلى إمكانات وبدائل لم يتبين الشخص نفسه وجودها , أو يثير - ببساطة -
الحساسية بأوجه النقص التي تستلزم الانتباه , وما يجب أن يصاحبه من اقتراحات حول أسلوب الاهتمام بهذه المشاكل.
- كن حاضرا: لأن النقد مثل المديح , فهو أكثر فعالية حين يقال وجها لوجه للشخص نفسه على انفراد. ونحن نلاحظ أن أولئك الناقدين غير المريحين يوجهون دائما نقدهم سلبا أو إيجابا من على بعد , كما لو أنهم يزيحون عبئا عن أنفسهم. يكتبون - مثلا - تقريرا مهما يجعل الصلة بين
الطرفين غير شخصية تماما , وبالتالي يسلب من الشخص المتلقي فرصة الاستجابة لهذا التقرير أو توضيحه.
- كن حساسا: هذه دعوة للتعاطف مع الآخر , لتكون متناغما مع ما تقوله , وكيف يكون وقعه على الشخص المتلقي. ويلفت »ليينينسون « الانتباه
هنا إلى الأشخاص الذين لا يتمتعون إلا بالقليل من مشاعر التعاطف مع الآخرين. يميل هؤلاء إلى تقديم التغذية المرتدة بأسلوب جارح , مثل القمع
المحطم للنفسية. ومن الطبيعي أن يكون أثر هذا الأسلوب مدمرا للمعنويات.
وبدلا من فتح الطريق إلى تصحيح الخطأ , نراه يخلق استياء انفعاليا ,ومرارة , وموقفا دفاعيا , وتباعدا.
يجب أن ينظر الإنسان إلى النقد كمعلومة لها قيمتها
حول كيفية تحسين العمل , وليس بوصفه هجوما شخصيا.
تعليقات
إرسال تعليق