الشخصية الهذائية
الشخصية الهذائية او الشخصية البرانويدية.
يتنازع هذه الشخصية عاملان رئيسيان جنون العظمة Grandiosity وجنون الاضطهاد Paranoia.
ويخلق تفاعل هذين العاملين نمطا معقدا ومركبا من الشخصية تتسم بالشك في الجميع وعدم الثقة وذلك ناتج عن الوهم بأنه أعظم من الجميع وان قدراته غير محدودة إلا ان الآخرين لا يقدرونه حق قدره ولا يحترمونه فيتولد لديه الشعور بالاضطهاد والكراهية للجميع.
وتميل هذه الشخصيات الى التمحور حول الذات حيث يرى نفسه مركزا لما يدور حوله من نشاطات وفعاليات وأحاديث وربما يبالغ فيشعر انه مقصود مباشرة بالاحاديث المتداولة بين الآخرين ويكون لديه دوما شعور بأن هناك من يتآمر عليه ويسعى لإلحاق الضرر به وعلى الأغلب ان يفسر السلوكيات العادية بنية سيئة كتهديد له ويعطيها حجما اكبر بكثير مما تحتمل، كما يتسم اصحاب هذه الشخصية بالتحسس الشديد للنقد الشخصي وعدم تقبله أو حتى التسامح تجاهه وغالبا ما يكون رد فعله تجاه النقد الضغينة والحقد والعداء الشديد وربما يصاحب ذلك عدوانية واضحة.
وهذه الشخصية البرانويدية أو الهذائية على الاغلب شخصية جامدة متمسكة بآرائها رغم تبيان خطئها بشكل جلي وتفتقد للمرونة وبالذات في ما يتعلق بمشاعر العظمة والاضطهاد.
ويخلق مركب العظمة والاضطهاد لدى الفرد سلوكيات تأكيد الذات وتكرار الافعال المظهرة لذلك
كذلك يخلق هذا المركب لدى الشخص سعيا محموما للتأكد من صدق الآخرين واختبار ولائهم امتحانا وراء الآخر، كما تميل الى التدقيق بكل التفاصيل والى الإعادة والتكرار بشكل ممل وذلك لحشد اكبر قدر ممكن من التفاصيل والادلة لتوضيح وإثبات وجهة نظره.
ومن تأثيرات هذا المركب أن الشخص في الظاهر يبدي الاستخفاف الشديد بالآخرين وهو في الواقع يتابع ويهتم بكل ما يقولونه.
ومن الصفات الرئيسة لهذه الشخصية الغيرة، فلا يطيق صاحبها ان يسمع اي مديح للآخرين أو حديث ايجابي عنهم وعلى الاغلب ان يتوتر لدى حدوث ذلك ويأتي بردود فعل تظهر غضبه وميله لتأكيد الذات.
ويقال ان هؤلاء الاشخاص قد يكونون عانوا من التسلط اثناء طفولتهم وغالبا يكونون قد تعرضوا كثيرا للتأنيب وربما للإهانة والشعور بالخزي والتقصير وغياب المقدرة، فيكونوا اطفالا انفعاليين لديهم شعور دائم بعدم الامان والإنكشاف والعرضة للتهديد، ميالين للإنكفاء والتكتم وقلة التفاعل.
وفي الصبا يحمل هؤلاء كماً هائلا من العدوانية الظاهرة والمبطنة ومن مشاعر الحقد وتظهر عليهم علائم الرفض والاحتجاج والمناوأة إلا انهم مع مرور الوقت يميلون الى التكتم والسرية.
الآليات النفسية التي تستخدمها هذه الشخصية:
الانكار: لا يرى هذا الشخص في الاشياء الا ما يريد ان يراه، وتصل به الحال الى اعتبار أن بعض الحوادث لم تحصل فعلا، او حصلت بالشكل الذي يراه.
الاسقاط: أي ان ينسب دوافعه الدفينة نحو الآخرين ويغرق في إلحاق صفاته بهم كأن يتهم اعداءه بالجبن والخوف وفي واقع الحال هو الخائف.
التبرير: وهو السعي المحموم لايجاد تفسير منطقي لما يقوله ويفعله وقد لاحظنا كم من القراءات والوقائع والتفاصيل التى حاول حشدها في خطابه.
الكبت: وهو إخفاء العدوانية والمشاعر السلبية والنوازع المخجلة وتترافق أحيانا مع محاولة إبراز العكس او وضعها في سياق ايجابي، كأن يقول ان القتل والعنف الحاصل هو للدفاع عن الوطن أو منع الانقسام. وفي تبريره للحالة الهذيانية يضع فرويد ثقلا كبيرا على مسألة الكبت ويرى ان السلوك الهذياني يأتي نتيجة لكبت دوافع جنسية مثلية.
وهنا ينبغي الاشارة الى ان اضطراب الشخصية الهذائي واضطرابات الشخصية بشكل عام تأتي على المحور رقم 2 في تصنيف الامراض النفسية وهي لا تعفي من المسؤولية الجنائية وأي فعل يرتكبه يعتبر فعلا قصديا وفاعله مدرك وقاصد لما يفعل.
تعليقات
إرسال تعليق