التغلب على عادة التأجيل(التسويف)..






التسويف :

تعريف التسويف:
التسويف هو: اتخاذ قرار بتأخير عمل ما أو البتّ في أمر ما عمداً. عندما نلجأ للتسويف فإننا إما أن نُرجئَ العملَ إلى وقت ما في المستقبل؛ "سأزور صديقي يوما ما", أو أن يحين الوقتُ المحدد مسبقاً دون إنجاز العمل؛ "كنت سأبدأ بالكتابة هذا اليوم لولا أن أصدقائي أغروني بالخروج, فخرجت معهم وضاع الوقت". وبتعبير آخر: هو تأخيرُ عملِ ما كنتَ ترى أن إنجازَه كان ضروريا.

الدوافع الخفية للتسويف:
على الرغم من أن تأخيرَ بعض الأعمال لتكوين صورة أفضل عنها أو جمع معلومات أكثر أمرٌ ممدوح, لكني متيقن أنك تتذكرُ الكثيرَ من الأعمال أو القرارات التي عملت على تأخيرها دون سبب مقنع. والواقعُ أن قيامنا بهذا الفعل يُخفي خلفه أسباباً كثيرة, سيساعدك التعرف لها في كشفها ومقاومتها في المرة القادمة عندما تقع في حبال التسويف:

أولا: القلق:
حيث التسويفُ وتأخيرُ العمل سيحميك من القلق حول ظهور العمل بصورة غير مرضية، ومن ثم شعورك بالإخفاق وضعف الثقة بالنفس. وهذا ما يتكرر حدوثه لدى بعض الطلاب؛ إذ يتأخرون في البت في إعداد بحث التخرج مثلاً, ويقضون أوقاتهم عبثاً هنا وهناك لتلافي البداية التي قد تكشف عن ضعف فكرة المشروع أو قلة أهميته.

ثانيا: ضعف تحمل الإحباط:
يمتلك الكثير من الناس عتبة منخفضة لتحمل أي شعور سلبي أو إحباط أو ملل عندما يواجهون أي عقبة في أثناء قيامهم بعمل ما, ومن ثم فهم يستسلمون مباشرة ويلجئون للتسويف والمماطلة. فالمدخن الذي يقرر ترك التدخين يشعر في الأيام الأولى ببعض التغيرات المزعجة؛ مثل القلق والتوتر والغضب السريع (أعراض انسحابية)، وحينها يقررُ مباشرةً العودةَ إلى التدخين, وتأجيل فكرة الإقلاع إلى أجل غير مسمى.
والمشكلة أننا نشعر بالراحة والسعادة بسبب تأخير أي عمل يسبب لنا إزعاجا أو مضايقة, مع أن المشكلة تتضخم من حيث لا نشعر..!!

ثالثا: إبداء الاحتجاج والغضب:
قد نلجأ للتسويف وتأخير إنجاز عمل مهم كتعبير عن غضبنا تجاه شخص آخر؛ فقد تلح عليك زوجتُك أن تقوم ببعض الإصلاحات في المنزل مما يشعرك بالغضب والتضايق وتقرر أن تؤجلها؛ "حتى ترى مع من تتكلم!". وبالمثل يطلب منك رئيسُك في العمل القيامَ بمهمة إضافية فتثور ثائرتك؛ "هل يظن أني خادم لديه. سوف أريه!"، فتقرر تأجيل العمل فيغضب رئيسك، ويقدم عنك تقريراً سيئاً يحرمك من الترقية في السنة التالية..!!
قال أحدهم: ((التسويفُ هو القبر الذي نواري فيه أحلامَنا وطموحاتِنا والفرص النادرة في حياتنا..)).

عبارات شائعة لتسويغ التسويف:

- ما زلتُ أتهيأ للانتظام في العمل.
كثيرا ما نؤخرُ الابتداء بمشروع ما بحجة أننا نهيئ (مزاجنا) للدخول في جو العمل. حيث نجلس على الكرسي لمدة طويلة, ونقضي الوقت في الشرود, ومحاكاة النفس, وهكذا يمضي الوقت دون أي إنجاز. تذكر أن الوقوف على عتبة العمل لن يساعدك على إتمامه, بل إن الولوج فيه ومقارعته هو ما سيمنحك القدرة والهمة والحماس.

- أحب أن أترك العمل إلى آخر لحظة..
حيث يعتقد بعض المسوّفين أن أفضل أدائهم يكون في أثناء شعورهم بالضغط النفسي في اللحظات الأخيرة. ولك أن توازن بين عملين أنجزت أحدهما على عجل في اللحظات الأخيرة, وآخر أنجزته في وقت مبكر, وسترى قدر الإتقان الذي يمنحه الإنجاز على مهل.
العمل في اللحظات الأخيرة يحرمك من مراجعته, وتقليب النظر فيه, ووضعه في صورته النهائية, والاستعانة ببعض المواد الإضافية أو الزيادات المفيدة ليظهر العمل على أفضل وجه.
والفكرة المخادعة هنا أننا في اللحظات الأخيرة نجد أنفسنا مضطرين للعمل (حافز قوي للعمل) ولذا نعمل بجد ونرى ثمرة ذلك أمامنا. ولذا نعتقد أن ضغط اللحظات العصيبة هو السبب في الإنجاز. والحقيقة أننا لو امتلكنا حافزا قوياً ومثيراً لإنجاز العمل في وقت مبكر فسنجد نتائج باهرة تفوق في جودتها نتائج العمل في اللحظات الأخيرة.

- أنتظر لحظات الإلهام والإبداع.
ومن المسوغات الشائعة للتسويف انتظار لحظات الإلهام التي تثير مكامنَ الإبداع والتحفيز لدينا للقيام بعمل متميز. وهذه الفكرةُ نشأت على أساس أن الإبداع يتنزل على المبدعين كالوحي في لحظات من التجلي، وكأن الشعراء هم أول من أسسوا هذه الفكرة!. وعلى كل حال فقد أثبتت هذه الفكرة خطأها, فالأفكار الملهمة والأعمال العظيمة لم تكن حصيلة التسويف والانتظار وتجنب خوض أعماق القضايا والمشكلات. بل كانت نتيجة للعمل الدؤوب والمستمر في كل الحالات النفسية المتباينة التي نمر بها بين حين وآخر. قال أحد الحكماء: ((لا يأتي التحفيزُ والإلهام أولاً .. بل إن الأعمال المنجزة هي التي تأتي أولا. يجب أن تشحن طاقتك لابتداء العمل سواءً كنت تشعر بالإلهام أو لا تشعر. وحالما تبدأ بالخطوات الأولى في طريق الإنجاز فهذا كفيل بأن يُشعل فيك فتيل الهمة والإبداع والعمل أكثر وأكثر)).

- ضياع الوقت بالملهيات و(الثانويات).
لعلك صادفتَ هذا الصنف من الناس الذي يكون تسويف العمل لديه وتأخيره نتيجة أمور ثانوية يعطيها أهميةً مبالغا فيها, ومن ثم تشتته عن ابتداء العمل أو مواصلته. فبينما هو مقبل على عمله يسمع رنين الهاتف: "لعله أمر هام قد تكون زوجتي في مشكلة", ومن ثم تطرأ على ذهنه: "لا بد أن أعد قائمة التسوق", "سأعد كأسا من القهوة حتى أركز أكثر" وهكذا سلسلة من الأعمال الهامشية التي لا تغني ولا تسمن من جوع حتى يضيع الوقت دون فائدة تذكر.
وقد يختبئ التسويف خلف القيام بأعمال أقل ضرورة وأهمية بشكل يطغى على الأعمال الضرورية. فبدل الجلوس للانتهاء من مشروع هام ترانا ننشغل: ((لا بد أن أشاهد نشرة الأخبار)), ((صديقي فلان لم أره منذ مدة طويلة, ترى ما أخباره؟..)) وهكذا مشتتات قد يكون لها أهمية – وهنا الفخ - لكنها بشكل واضح أقل أهمية من إنجاز العمل الذي بين يديك.

علاج التسويف:

1-كن واقعيا وعمليا عليك بالتدرج والتكرار و الاستمرار في الخطوات العملية التي تكافح بها التسويف وتتخلص بها منه
2-; تذكر انك تعلمت التسويف وتعودت عليه مرات ومرات وشيئيا فشيئا طيلة سنوات أو عقود ولن تتخلص منه في أيام أو أسابيع . فعليك أن تكرر خطواتك العملية للتخلص من التسويف مرات عديدة
3-; ابذل طاقة اكبر في مصارحة نفسك وانفتح على ذاتك وتقبل النقد الذاتي فهو من علامات التوبة ومن أهم الطرق المؤدية لها.أنت محتاج إلى الانفتاح الذهني على نفسك والى مواجهة الحقائق والاعتراف والتسليم لها سواء كان الأمر متعلق بحقيقة نفسية تكتشفها عن نفسك أو أسلوب جيد لمواجهة التسويف او استبصار حقيقة التسويف ومظاهره و أسبابه ومبرراته الخادعة
4- كلما أنفقت وقتا في مصارحة الذات وفي الاستبصار في السلوك وكلما أجدت الحوار مع الذات بتجرد وأمانة وحاولت إقناع نفسك بحقيقة سلوكك وبإمكانية التغير و إمكانية التخلص من التسويف حصل لك اقتناع تام وبالتالي سهل عليك التصميم والعزم وسهلت المثابرة وبعبارة أخرى درهم إقناع خير من قنطار مثابرة….
5. أذا اردت من الحياة ان تتغير فلا تتذمر منها ابدا :افعل شييا ولو بسيطا لتغيرها .فبدلا من استهلاك اللحظات الحاضرة في التسويف والقلق الذي يسبب الشللل النفسي عليك اخذ زماام المبادرة .عش لحظتك الحاضرة وكن فاعلا ..لا تكن رجل امال واماني …لا تكن ناقدا ….

6. احذف الكلمات التالية من قاموسك النفسي :آمل ،أتمنى، ربما، فانها الات التسويف و في حالة تسلل هذه الكلمات الى تفكيرك فان عليك تغير العبارات التي تسللت من خلالها هذه الكلمات الى تفكيرك …استبدل.:

آمل ان تسير الأمور بشكل جيد _____بالاعتماد على الله والاستعانة به ساجعل الامور تسير بشكل جيد وهانذا ابدء

اتمنى لو كانت الظروف افضل_______اللهم اني استعين بك فلا حول ولا قوة لاي شي ان يقف في وجهي ويمنعني من تعديل الظروف ومفاعلتها حتى يصبح شعوري عن الظروف والاحوال افضل واحسن ما دمت قد استعنت بك.

ربما تتحسن الامور وتسير على نحو افضل_____ بالاستعانة بالله فساعمل على تحسين الامور.

7.انظر الى حياتك بشكل جاد وتاملها تاملا عميقا .هل انت تعمل الان ماتود عمله لو علمت انك لن تعيش اكثر من ستة اشهر.إذا كانت الاجابة بالنفي فعليك البدء بفعله الان ون هذه اللحظة .فلا فرق يبين ستتة اشهر وثلاثين سنة قياسا الى عمر الكون .لا معنى لتاجيل أي شئ .

8.كن شجاعا حول البدء بنشاط كنت تتجنبه .فخطوة شجاعة واحدة ربما أزالت التردد والخوف الذي يمنعك من البدء فيه.توقف عن الايحاء لنفسك بان عليك ان تؤدي الاعمال بشكل متميز:تذكر ان القيام بعمل واحد اهم من تمني وتخيل القيام باعمال ممتازة.في البداية فان العمل اهم من الاتقان وبعد فترة من التخلص من التسويف حاول الاتقان وربما لن تحتاج الى محاولته فقد تكون قد وصلت اليه تدريجيا دون عناء.

9. قرر ان لا تشعر بالتعب الا قبل ان تاوي الى السرير بقليل ولا تسمح لنفسك بالتعلل بالتعب او المرض او التوتر كوسيلة للهروب او كسب التسويف وستجد ان التعب او المرض او غيرهما سيختفي بطريقة سحرية عجيبة بمجرد اختفاء سببه الوهمي وهو تجنب وتحاشي فعل شئ ما.

10.قرر بهدوء وحدث نفسك حتى تقنعها انك قادر على قضاء عدة ساعات(2-4) في عمل شئ ينبغي عليك عمله دون توقف.
.11.قرر أن تنظر إلى الأعمال على أنها فترات من خمس دقائق أو 10 أو 15 أو 30 فبدلا من التفكير في الأعمال على مداها الطبيعي (ساعات أو أيام ) ثم تسوفها لطولها فكر في استخدام خمس دقائق أو عشر أو خمس عشر أو نصف ساعة فقط في عمل ما تريد عمله رافضا التأجيل أو التسويف الذي يبعدك عن الحصول على الرضا.

12.ابدأ العمل في مشروع كنت تسوفه دائما وسرعان ما تكتشف أن التسويف ليس له ما يبرره لأنك ستجد العمل ممتعا وليس مملا ولا عسيرا ما دمت قد تركت التسويف أو ستجده على الأقل ليس مملا ولا عسيرا بالقدر الذي كنت تعتقده لا بل كنت تتوهمه . إن مجرد البدء في ذلك المشروع سيساعدك على التخلص من القلق حول المشروع بأكمله.

13.اسأل نفسك هذا السؤال :ما هو أسوء شئ يمكن أن يحصل إذا فعلت الآن ما كنت اسوفه من قبل.إن الإجابة المتوقعة في أغلب الأحوال لا شئ سيئا سيحصل وستجد نفسك بالفعل قد بدأت العمل .فمجرد تقديرك وقياسك للمخاوف المحتملة سيثبت لك انه لا يوجد سبب وجيه لتلك المخاوف.

14.حدد لنفسك وقتا خاصا (الاثنين 7.30_7.45مثلا ) لا تعمل فيه شيئا إلا عملا كنت تسوفه و تأجله وستكتشف أن هذه الدقائق المعدودة كفيلة بتغلبك على أسوء أو اصعب جزء في التسويف ألا وهو مجرد البداية .

15.اعتبر نفسك أهم من أن تعاني من القلق والتوتر والندم والشعور بالذنب حول الأشياء التي يجب أن تعملها فعندما تشعر انك غير مرتاح للقلق أو الندم أو الشعور بالذنب حول التسويف والتأجيل عليك أن تتذكر جيدا أنك أغلى من أن تعاني من هذه المعاناة ,انك أعز من ترك نفسك تتألم بهذه المشاعر السلبية من تردد وقلق وندم وتوتر .إن الناس الذين يقدرون أنفسهم ويعزونها ويحبون لها الخير ويشعرون بعظمتها وأهميتها لدى الله سبحانه وتعالى لا يؤذون أنفسهم ولا يدعونها نهبا للحسرة والندامة والقلق الذي يريدها لهم الشيطان عدوهم اللدود.

16.ابدأ في تنظيم يومك في طاعة الله من الآن:صلاة الجماعة -حفظ القرآن - الأذكار - العمل خمس ساعات يوميا- الاسترخاء - المشي -الرياضة اليومية - النوم المبكر- القيلولة …الخ من هذه اللحظة فهكذا يكون التعامل مع المشكلات…بالعمل من الآن..افعل ثم افعل وافعل وافعل

17.دع عنك انتظار الظروف المواتية..انتظار قدوم لحظات هامة في المستقبل…انتظار إجازة وفراغ بال فليس عدم وجود هذه الظروف واللحظات والإجازة وفراغ البال هو الذي يمنعك من البدء او معاودة البدء في الالتزام والانضباط في تنظيم اليوم الجيد. إن الشيء الوحيد الذي يمنعك من ذلك هو أنت والتردد والتأجيل والتسويف الذي عودت نفسك عليه.

18.تذكر انك لست ما تقوله وتدعيه وتأمله وتتمناه .إنما أنت ما تفعله وتقوم به وتحققه فعلا وهو في الحقيقة ما تقوم به و تفعله في مجموع لحظاتك الحاضرة.فالسلوك أصدق من الكلام ومجموع ما تقوم به من الأعمال مهما كانت صغيرة وجزئية في لحظاتك الحاضرة هو المقرر الوحيد (من هو أنت؟؟؟).

من أين أبدأ..؟
بعد أن تعرّفنا معظم الأسباب والدوافع الخفية للتسويف.. دعونا نتذاكر في أفكار تساعدنا على التخلص من التسويف:

- لابد أن نبدأ بامتلاك الوعي الكافي لمعرفة الدافع الخفي وراء كل محاولة لتأجيل العمل الذي بين أيدينا.. هل هذا التأجيل بسبب خوفي من الإخفاق؟, أو هربا من مواجهة مشكلة ما؟ أو أنه استسلام مبكر أمام تحدٍ أو عائق أو أمر محبط؟

- الأمر الذي يحدد قدرتنا على المواصلة في العمل دون تسويف هو مقدار الحماسة التي نمتلكها لأداء العمل, ومقدار المتعة التي نجدها فيه, أو بما يعدنا من نتيجة سارة عند الانتهاء منه. وكما قال أحدهم: ((عندما تكون الكتابةُ تسبب ألماً في الرقبة, ومشاهدة التلفاز تمنحُنا المتعة والترفيه فليس من العسير أن نستنتج أننا سنؤجل الكتابة ونشاهد التلفاز)). والحل هنا هو شحن أنفسنا بالمتعة والحماسة عندما نقبل على الكتابة ونتأمل لذتها الحالية أو شعورنا الجميل عند الانتهاء من إنجازها.

- قم بتقسيم العمل إلى خطوات سهلة وعملية.. وتابع تقدمَك عبر أدائك لهذه الأعمال الصغيرة. وليكن شعارُك (دعني أرى), ولذلك أهمية كبيرة في مواصلة العمل.
فلو قلت لنفسك: إني سأحفظ كتاب الله فستقف مذهولاً أمام هذا العمل الضخم الذي أنت بصدده وستسوّف فيه كثيراً, ولكن عندما تنظر إلى عمل اليوم بأن تحفظ فقط نصف صفحة من القرآن, فستجد أنه أمر يسير يمكن القيام به. تذكر دائماً:
(القيام بعمل اليوم يمنحك رضا اليوم وفرص الغد).

والآن حان وقتُ العمل, اخطُ الخطوةَ الأولى.. ابدأ وستندهش من النتائج التي ستحققُها, وتذكّر أن أفضل وسيلة لتلافي الإخفاق والإحباط هي القعود مكتوف الأيدي دون عمل! .. فمن يعمل لا بد أن يخطئ, ولكننا نتعلم من الإخفاق أحيانا أكثر من النجاح.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشخصية الهذائية

المراهقون و لغات الحب الخمس

الإفصاح عن الذات