الحوار الذكي
اغلبية الناس تنقصهم المقدرة الماهرة للدخول الى حصن المعتقدات البشرية وبناء وتشكيل العلاقات المجتمعية والكل يسأل كيف تستميل المراة أو كيف تستميل الرجل..
يكمن سر تعلم كيف تستميل الأشخاص الآخرين في طريقة تفكيرك هل تفكيرك مشجع لإقتراب الناس منك او انك تميل الى العزلة وبعد الناس عنك,,
1. كيف تتجنب أن يصبح لك أعداء :
باستطاعتك أن تخبر الشخص الآخر انه مخطىء من خلال نبرة صوتك أو نظرة عيونك أو حركة جسمك ونفسك .. تماماً مثلما تستطيع من خلال الكلمات الجميلة الهدافة او الكلمات التجريحية أن تخبره انه مخطىء وان فعلت فلن يوافقك الرأي لأنك جرحت مشاعره ووجهت ضربة قاسية ومؤلمة إلى ذكائه ونفسه وغروره الأمر الذي سيدفعه إلى إعادة الضربة والى التشدد برأيه عندئذ ستلجأ إلى منطق أفلاطون أو فلسفة ايمانويل كانت .
قولك : (أنا أذكى منك لذا سأخبرك بشيء يغير رأيك)..
هذه طريقة سيئة تسبب العداء وتدفع الآخر إلى القتال قبل أن تبدأ بحديثك وهذا أمر صعب عليك حتى في الظروف العادية والأحوال الطبيعية أن نغير رأي الآخرين فلماذا نعقد الأمور؟ ونعوق ونصعب على أنفسنا؟.
إذا اردت أن تبرهن شيئاً لا تدع الآخرين يعرفون ذلك بل افعل ذلك بصمت وذكاء كي لا يشعرون بك أي يجب أن تعلم الناس وكأنك لم تعلمهم شيئا .
و ان أردت أن تكون أكثر فهما و حكمة من سائر الناس فافعل ولكن لا تخبر احدا بذلك إذا قال إنسان معين عبارة تعتقد انه اخطأ فمن الأفضل أن تبدأ بالقول :(حسناً..أظن أن لدي فكرة أخرى و ربما أكون مخطئاً وان كنت فصحح لي خطئي..ودعنا نتحرى الوقائع)..و هكذا..أن لهذا مفعول السحر الايجابي ولن يعارضك احد .
فالعالم و المخترع لا يحاولون إثبات أي شيء بل هم يكتشفون بانفسهم الحقائق والمعارف ولتكن علميا في تفكيرك وحسك لأن ذلك سيوقف كل حوار و نقاش و يوحي للآخر ويخبره أن يكون لطيفاً ومنفتحاً عليك ورحب الصدر كما سيجعله يعترف انه هو نفسه ربما من يكون على خطأ .
قليل من الأشخاص و الناس من هم منـطقيون..فاغلبنا متحـيزون و متـحاملون و معظمنا مـصابـون بآراء ومفاهيم مشـبعة بالحسـد و الشـك المستمر و الخـوف و المبالغة في الغـيرة و الغـرور والعـناد .
ومعظمنا ان لم يكن كلنا لا يرغبون بتغيير ارائهم ابدا وانه لأمر صعب حتى في الظـروف العـادية أن نغير رأي الآخرين من حولنا .
قلة من الناس و الاشخاص من يرغبون في الاستماع إلى الأحداث و الحقائق التي تنعكس على حكمتهم فنحن نرغب ان نستمر في تصديق ما تعودنا و اعتدنا قبوله كحقيقة والاستياء الذي يثيره الشك والريبة حول ما نفترضه سيدفعنا للبحث عن أي عذر وسبب للتعلق والتمسك به والنتيجة هي ان معظم تفكيرنا يتألف من ايجاد مبرر للاستمرار في تصديق ما كنا نؤمن به ونعيشه وان كان خاطئا.
حين نكون مخطئين ربما نعترف بذلك في قرارة انفسنا لكن اذا عوملنا بلطف وكياسة
ربما نعترف بذلك امام الآخرين و ربما نفتخر بصراحتنا ولكن الامر مختلف حين يحاول الآخرون انتزاع الحقيقة منا انتزاعاً وبهذا تكون عزة النفس عرضة للتهديد .
فأن أردت أن تستميل الناس الى طريقتك في التفكير اليك هذه القاعدة : (ابد احترامك لآراء الآخرين و لا تخبر انسـانا ًابداً انه مخطىء) .
2. الطريق العام الى تفكير الناس :
اذا ثار غضبك وتفوهت بكلمة او اثنتين ستجد الوقت ملائماً لتفريغ غيظك لكن ماذا عن الاخر؟ هل سيشاركك الراحة؟وهل نبرتك القتالية و اسلوبك المعادي يسهل عليك الاتفاق معه؟ بالطبع لا و اذا كان قلب الشخص الآخر مليئاً بالضغينة والسخط نحوك فلن تتمكن من إقناعه بوجهة نظرك و لو استخدمت منطق الدنيا و لكن بالامكان اقتيادهم لفعل ذلك اذا كنا لطفاء و ودودين اكثر مما نحن في الواقع .
هناك قول قديم حقيقي يقول : " ان قطرة عسل تجذب ذباباً اكثر من غالون علقم" و الامر كذلك بالنسبة للناس فأن اردت ان تجذب الشخص الآخر الى وجهة نظرك ابدأ حديثك اولاً بطريقة ودية وسيكون ذلك قطرة العسل التي تجذب قلبه وبالتالي تفكيره و هو الاهم .
و هناك خرافة قديمة تقول : (وقفت الشمس وراء غيمة و بدأت الريح تهب حتى كادت تكون عاصفة و كلما اشتدت الريح كلما ازداد الرجل تمسكاً بمعطفه واخيراً هدأت الريح و استسلمت ثم خرجت الشمس من ورائها و ابتسمت برفق للرجل وسرعان ما مسح جبينه و خلع معطفه..عندئذ قالت الشمس للريح : "ان اللطف والصداقة هما دائماً أقوى من العنف والقسوة" .
حين ترغب ان تجذب الناس الى طريقة تفكيرك لا تنسى ان تستخدم هذه القاعدة :
(ابدأ الحديث بطريقة ودية) .
3. سر سقراط :
أثناء التحدث إلى شخص ما لا تبدأ بمناقشة الآراء و الأشياء التي لا تتفاهمان و تختلفان حولها بل على التي تتفقان بشأنها لأنكما في النهاية تسعيان إلى النتيجة ذاتها و إن الفرق الوحيد بينكما يظهر في الوسيلة و ليس في الهدف .
فأستدرج الآخر لقول "نعم" منذ البداية واجعله يتجنب قول "لا" .
يقول اوفرستريت في كتابه (التأثير بالسلوك الإنساني): (إن الجواب السلبي هو أصعب مشكلة يمكن التغلب عليها حين يقول إنسان "لا" جميع كبريائه يتطلب منه أن يبقى مصراً على رأيه فمن المهم جداً أن نبدأ حديثاً من الناحية الايجابية) .
المتحدث البارع والجيد هو من يحصل منذ البداية على عدد من الاجوبة الايجابية فهو بذلك يحرك العمليات النفسية في المستمع إلى الناحية الايجابية وهذه العملية تشبه حركة كرة البلياردو حين تصوبها إلى جهة ما تكسب قوة للابتعاد عنه قوة عظيمة تعيدها إلى الناحية المقابلة.
إن الترتيبات النفسية واضحة هنا عندما يقول الإنسان "لا" من دون أن يعني ما يقول هو يعني أكثر من مجرد كلمة مؤلفة من حرفين فجسده بكامله يتحد بحالة من الرفض و هناك عادة تراجع جسدي مؤقت أو استعداد لتراجع و كل الجهاز العصبي العضلي يتهيأ للابتعاد عن القبول .
ولكن حين يقول "نعم" لا تحدث أي من تلك النشاطات بل يصبح الجسد في حركة ناشطة للقبول و الأسلوب المفتح لذلك و كلما استطعنا الحصول على أجوبة ايجابية منذ البداية كلما ازداد نجاحنا في استقطاب الانتباه نحو هدفنا .
كان سقراط فتى لامعاً مع انه قضى عمره عاري القدمين و تزوج من فتاة عمرها تسعة عشرة سنة في حين كان عمره أربعين و الصلع قد غزا رأسه إلا انه فعل شيئاً لم تستطع حفنة من الرجال في التاريخ أن تفعله فهو غير مجرى تفكير الإنسانية و الآن وبعد عدة قرون من وفاته يحتفل بذكراه على انه اعقل المقنعين الذين استطاعوا التأثير بهذا العالم المتشابك .
فما هي طريقته؟ هل كان يخبر الناس أنهم مخطئون؟ كلا بل كان عاقلاً وطريقته ترتكز على استدراج الشخص الآخر لقول نعم..فكان يسأل أسئلة تجعل مناوئه يتفق معه في الرأي حتى يعانق النتيجة التي كان يرفضها كلياً منذ دقائق..فلنتذكر سقراط دائماً .
هناك قول صيني مأثور يحفل بحكمة الشرق : (من يخطو بلطف يسير طويلاً) .
فأن أردت أن تجذب الناس إلى طريقة تفكيرك فتقيد بهذه القاعدة :
(استدرج الآخر لقول "نعم" في الحال) .
4- الاستماع أولا ,,
لا يولد الإنسان متحدثاً لبقاً و محاوراً متمكنا
بل هي مهارة يكتسبها بخطواتٍ منظمة
يستمع..ثم يستمع...ثم يستمع ثم ينطق
و بقدر ما يستمع ..بقدر ما يصبح أكثر قدرة على
الفهم و الاستيعاب و احتواء الآخرين مما يجعله قريباً لنفوسهم..
حين تتحدث مع شخص ما
اعلم أن أهم ما يحتاجه منك ..أن تشعره باهتمامك بحديثه ..
اتجه بجسدك نحوه و لا تصرف نظرك عنه
وأبدي بعض الحركات التعبيرية
التي تشعره بأنك متابع لحديثه و يهمك أمره
لا تتظاهر بأنك تستمع له بل استمع بإخلاص
إن كان غاضباً أو حزيناً ..متضايقاً ..شاكياً
لا تبدأ بنقده بل أعطيه الضوء الأخضر ..
دعه يشعر.بالأمان حتى لا يخفي شيئاً عنك !!
قل له ...
نعم ../اكمل ../ثم ماذا حصل
أتفهم مشاعرك ../يبدو لي أنك أُرهقت ../أممم
حقاً ../...ثم ماذا ؟!
لا تقاطعه أبداً ..فلربما كانت حاجة المتحدث
لمن يستمع له أكثر من حاجته لنصيحة معينة
بعد أن ينتهي
لا تتعجل في الحكم أو إبداء الرأي قل
له هل عنيت كذا ؟.. هل هذا ما قصدته ؟..
للتتأكد من فهمك له و ليشعر هو بذلك ..
ثم أذكر الإيجابيات في حديثه و فيما فعل أو قال ثم إن وجدت بعض السلبيات
تحدث عنها برفق ..وضع نفسك مكانه و أنت تحكم على تصرفه
في بداية الأمر ستجد صعوبة في الاستماع .. طويلاً للمتحدث لكن مع التدريب...بحيث كلما قاطعت بادر بالاعتذار و اطلب من محاورك الإكمال
حاسب نفسك بعد الانتهاء من الحديث ..
أنظر هل أفدت أم آذيت !!
و لا تنس أن تحتسب الأجر وتطلب العون من الله
وتذكر : قل خيراً أو اصمت!!
ثم ثق بأنك ستسعد ..حين تسمع محاورك يقول:
شــــكـــراً لتـــــفهـمـك
تعليقات
إرسال تعليق