الزوجة الأم.. والزوج الطفل..!
الزوجة الأم.. والزوج الطفل..
عند سن 3 إلى 5 سنوات من عمر الطفل الذكر، بيكتشف إن الست اللى بتربيه وترضعه (لغاية سنتين) وتنضفه وتحضنه وتنيمه بالليل وتهتم بكل صغيرة وكبيرة تخصه هى مش فقط (أمه).. لا.. ده هى كمان (امرأة).. واحدة ست.. متزوجة من رجل، وأن الرجل ده أحياناً بيختلى بيها، وياخدها فى حضنه، وحاجات تانية.. واحدة ست لها كامل الحقوق فى أن تكون (أنثى).. إلى جانب كونها (أم).. من حقها تحس بنفسها وبجمالها وبأنوثتها.. من حقها تتبسط وتضحك وتنشغل شوية عنه.. من حقها يكون ليها حياة شخصية خاصة منفصلة عنه وعن وظائفها اليومية المرتبطة به.. من حقها يكون ليها كيان واستقلالية ووجود.. من حقها تكون نفسها دون الدوران الدائم فى فلك خدمته ورضائه..
من علامات النضج والنمو النفسى الطبيعى لدى الذكور، هو إنهم يقبلوا إن الست اللى كانت بتمثل فى حياتهم دور الأم الحنونة المعطاءة المضحية، هى قبل ذلك وأثناءه وبعده (امرأة) وإنسانة وأنثى، وان الاتنين مش بيتعارضوا مع بعض، ومش ضد بعض، ومش منفصلين عن بعض.. ومن علامات توقف النمو النفسى وأحياناً نكوصه وارتداده هى أن عقل الذكر ومخيلته وتوقعاته تفصل دايماً بين المرأة الأم.. والمرأة الأنثى.. وإن الاتنين بالنسبة له تكون علاقتهم ببعض (إما / أو) مش (هذه وتلك)..
فيه رجالة كتير (أفضل تسميتهم ذكور)، مازالوا واقفين فى نموهم النفسى عند المرحلة دى.. فلما يجي يتجوز بيدور على (أم).. ولما يجي يعمل علاقة جنسية مشبعة يدور على (أنثى).. علشان الصورتين فى ذهنه منفصلين عن بعض تماماً، ومالهومش أى علاقة ببعض..
يدور على زوجة/أم تدى بلا حدود، تضحى بنفسها فى سبيله، تسخر نفسها لخدمته، مالهاش أى حقوق فى الحياة غير اللى سعادته يمنحها ليها.. تجهزله الأكل والشرب.. وياسلام لو تأكله بإيديها.. تكويله اللبس.. تحمِيه لو أمكن.. تنضف وراه.. ويا سلام لو تنضفه هو شخصياً.. لا تكل ولا تمل ولا تشتكى، لأنها تقوم بمهمة مقدسة هى رعايته والسهر على راحته.. وإلا فالغضب الشديد.. والانتقام الأشد.. وكأنه نصف إله..
نفس هذا الزوج لما يحب يستمتع بحايته الجنسية يبحث عن صورة أخرى مختلفة تماماً (وغالباً مش بتكون مراته- اللى هي أمه).. صورة الأنثى.. الجريئة.. الواثقة من نفسها.. اللى نظرتها تستطيع أن تخرقه خرقاً وهو مايقدرش ينطق قصادها.. اللى حاسة بجسمها وبجمالها.. اللى تدى نفسها الحق فى التعبير عن احتياجاتها وإشباعها.. اللى تستمتع وتمنح المتعة فى نفس الوقت.. اللى تقدر تقوله (لأ) بصوت عالى عند اللزوم..
طبعاً فيه رجالة كتير تقولك أنا عايزها (زوجة) بالنهار (وامرأة لعوب) بالليل.. وده فى الحقيقة ألعن وأضل سبيلاً.. لأنه برضه بيقصد بالزوجة (الأم).. ومش مكفيه أنه هو شخصياً مقسوم من جواه اتنين.. لا.. ده عاوز كمان يقسم شريكة حياته لاتنين غير بعض.. كل واحدة فيهم واخدة شيفت على خدمته، ولكن بشكل مختلف..
عزيزى الذكر ذو الثلاث سنوات من عمرك النفسى.. زوجتك ليست أمك.. زوجتك إنسانة.. تصور!!..زوجتك بنى آدمة.. أنثى.. امرأة.. والمفاجأة الأكبر إنها ليها حقوق.. مش بس عليها واجبات..
زوجتك مش شغلتها رضاعتك وتدليلك والسهر على راحة جناب معالى سعادة سيادتك.. زوجتك من حقها تعيش، وتتبسط، وترتاح، ويكون ليها وجود منفصل عن الحبل السرى الممدود إليك من أمك العالقة فى ذهنك..
من حقها تعترض.. وترفض.. من حقها تقول (لأ).. من حقها تحس بكيانها واستقلالها وانجازاتها الشخصية بعيداً عن الذوبان فى بحور رضاك وأنهار شبعك.. من حقها تكون نفسها وتحقق ذاتها زى حضرتك بالظبط.. تخيل!!
بالمناسبة.. الطفل فى أول كام شهر من عمره بيكون عنده صورة عن نفسه إنه حد قوى وقادر ومسيطر ومتحكم فى كل شئ، علشان فيه حد بيحس باحتياجته ويفهمها ويلبيها من قبل حتى ما يطلبها فى بعض الأحيان.. بيكون شايف نفسه طاووس ضخم يأمر فيطاع، ويغضب فيتزلزل العالم من حوله.. بيكون مليان غرور ونرجسية وانتفاخ نفسى كاذب، لدرجة إنه يسمى Omnipotent Child.
بالمناسبة كمان.. كتير جداً من الأسباب النفسية العميقة (للضعف الجنسى) لدى الرجال/الذكور هو تلك الصورة العقلية القابعة فى أعمق مستويات عقولهم الباطنة عن الزوجة التى هى (أم).. ويؤكد ده حدوث (الضعف الجنسى) فى البيت، وممارسة الفحولة والعنتلة الجنسية خارج البيت..
طبعاً من قبيل الإنصاف.. مش بس الرجالة هم المسئولين عن الوضع ده.. الستات كمان مسئولين بدرجة أو بأخرى.. كل ست انسحقت تحت أقدام رجل.. كل امرأة عجبها دور الأم المرضعة لزوجها.. كل أنثى أذابت نفسها فى سبيل رضاء طفل كبير.. هى أيضاً مساهمة، ومشاركة، ومسئولة عن هذه الجريمة المتوارثة عبر الأجيال..
فيه كلام أكتر.. بس كفاية الجرعة دى النهاردة
محمد_طه
تعليقات
إرسال تعليق