تعزيز تقدير الذات ,, خطوات عملية
تعزيز تقدير الذات...خطوات عملية
ببساطة تقدير الذات هو الاحترام الصحي للذات..هناك عدة مفاتيح لتعزيز تقدير الذات و بالتالي الثقة بالنفس.
أولا أن نحاول تجنب التعميم
فعندما أقول لدي تقدير منخفض لذاتي ، فهذا يعني أني أنظر إلى موضوع تقدير الذات على طريقة إما أو. إما تقدير منخفض للذات أو تقدير مرتفع.و الواقع أن الأمر ليس كذلك.فقد يكون لدي اليوم تقدير منخفض لذاتي، و يتغير بعد أسبوع.كما أن هناك درجات من تقدير الذات تقع على خط موصول. و أغلب الناس يقع لديهم تقدير الذات في منتصفه.
ثانيا: نحاول أن نجزئ تقدير الذات:
فمن الأدق أن نكون محددين و نوعيين فيما يخص مناح خاصة من حياتنا التي نفتقر فيها للثقة بالنفس: ربما يكون الوزن، الحديث أمام الناس، القدرة على جذب شريك، القدرة على التعامل مع شخص صعب..إلخ. فعندما أقول لدي تقدير منخفض لذاتي، يختلف عن قولي لدي مشكلة في تقدير ذاتي فيما يخص وزني.الجملة الأولى عامة و شخصية ، فهي تجعل كامل الشخصية في موضع التشكيك، أما الأولى فتتحدث عن مسألة لدي.هذه الجملة لا تُبطل المناحي الأخرى للشخصية، بل تركز على مشكلة يمكن تحديدها و حلها. أي " كن ليّناً على شخصيتك، و حازما مع مشكلتك".
ثالثاً: لنلاحظ أنماط التفكير السلبية لدينا - من بعيد:
لكي نغير انخفاض تقدير الذات، من الضروري أن نراقب أفكارنا التي تدمر جدارتنا الذاتية و نحن نفكر. الشيء المهم الذي ينبغي أن ننتبه له هو أن مشكلات انخفاض تقدير الذات تبقى موجودة لسنوات بحالة إشراط ، و نتيجة ذلك تصبح أنماط التفكير السلبية آلية و لاواعية، إلى أن نوقفها بملاحظتنا.إن الذات الملاحظِة مصدر نفسي مفيد يساعدنا على زيادة درايتنا بأنفسنا في العديد من الأوضاع. إنها جزء من وعينا الذي يمارس التعقل، و يساعدنا على أن نتخذ خيارات عقلانية و عميقة.
إذا كان لدي ميل للنظر في المرآة صباحاً و أقول لنفسي " أنا لست جذابة"، يمكنني عوضا عن ذلك أن ألاحظ عقليا ببساطة و أقول لنفسي:" هذه مجرد فكرة سلبية". هذه الملاحظة الموضوعية هي ملاحظة الذات في طور الفعل. فلألاحظ أفكاري السلبية بدون حكم. و أتجنب جلد نفسي فيما يخص مسائل تقدير الذات. ببساطة لاحظي بفضول و أنت تتفرجين على نفسك كأنك في تجربة و حتى بتعاطف و دعابة.يمكنك أن تقولي مثلا:" مرحبا يا تقديري لذاتي، كيفك ؟ أنا جاهزة للاهتمام بك".عندما تستخدمين ذاتك الملاحِظة بهذه الطريقة و بشكل منتظم، فأنت تقفين باضطراد على مسافة من أفكارك السلبية، نفسيا و انفعاليا.
رابعاً: لنجب على أفكارنا السلبية بإجابات توكيدية:
ما أن نأخذ مسافة من أفكارنا السلبية، يمكننا بسهولة أن نرد عليها و نستبدلها بأفكار تمكينية و إيجابية.هذا الفعل إيجابي يتشكل بالتكرار و المواظبة و التصميم.لنأخذ مثلين:
- تخفيض الشخصنة السلبية: فعندما نشعر أن سلوك شخص ما، معادٍ أو غير ملائم لنا،من الضروري أن نتجنب القفز إلى استنتاج سلبي على الفور.و بدل ذلك، نفكر بطرق عديدة للنظر إلى الموقف قبل أن نبدي رد فعل.مثلاً: ربما يغريني أن أفكر بأن صديقي لم يرد على مكالمتي لأنه يتجاهلني، و يمكن أن أفكر في المقابل باحتمال أن يكون شديد الانشغال أو لديه ظروف معينة منعته من الرد على مكالمتي.عندما نتجنب شخصنة سلوك الآخرين، يمكننا أن نتلقى تعبيراتهم بموضوعية أكبر.فالناس تقوم بما تقوم به لأسبابها هي و ليس لأسبابنا نحن.إن توسيع منظورنا يمكن أن يخفض احتمال سوء الفهم.
- تخفيض الخوف من الرفض: إحدى الطرق الفعالة لتخفيض الخوف من الرفض، هي أن نزود أنفسنا بخيارات عديدة في موقف مهم، و بالتالي لا يهم ما يحدث، طالما لدينا خيارات قوية نلجأ لها.من الضروري أن نتجنب ( عاطفياً ) وضع " بيضنا كله في سلة واحدة" كما يقال بتحديد خطط قابلة للتطبيق مثل ألف و بي و سي. مثلاً:
زيادة الخوف من الرفض: " أتقدم لوظيفة طالما حلمت بها، و حياتي ستدمر إذا لم أحظى بها."
إنقاص الخوف من الرفض: " أتقدم لثلاثة مراكز مثيرة. إذا " ما ظبط " الأول فلدي اثنان آخران لدي المؤهلات لشغلهما."
خامساً: أن نتعرف أين " يشتغل لدينا الشريط القديم".
عندما نتأمل أين يمكن أن نكون قد التقطنا بعض مسائل نقص تقدير الذات، قد يحضر إلى أذهاننا خبرات سابقة، حين أدخلنا إلى دواخلنا تأثيرات سلبية.مثلاً
مشاهدة موديلات جميلة " نحيلة" في الإعلام و نحن أطفالاً ربما سبب لنا عدم أمان حيال أجسادنا.
التعرض للمضايقة و السخرية أثناء الإجابة على سؤال المعلم في الصف، ربما سبب لنا خوفا من الحديث أمام الآخرين.
أن نكون شاهدين على طلاق الوالدين و نحن أطفالا، ربما ترك أثرا على ثقتنا بإقامة علاقة ارتباط ناجحة.
تلقيننا الاجتماعي أو الثقافي أو الديني الذي يحث على احترام الرموز السلطوية، ربما سبب لنا تثبيطا في توكيد أنفسنا عند التعامل مع مدير صعب.
إن وعينا للمنابع المحتملة لانخفاض تقدير الذات لدينا، و الاعتراف بأن ذلك أمر نتعلمه إلى درجة كبيرة، هو تمرين يساعد على تمكيننا بشكل كبير.فيصبح كاستبدال عادة سيئة بعادة جيدة.
سادساً:تغيير المقارنات الاجتماعية السلبية:
إحدى أسهل و أشيع الطرق التي تجعلنا نشعر شعورا سيئا، هي مقارنة أنفسنا بالآخرين بشكل غير مرغوب فيه.فقد يغرينا أن نقارن أنفسنا بأشخاص حققوا لأنفسهم إنجازات أكبر، أو يبدون أكثر جاذبية منا، أو أكثر ثروة أو لديهم أصدقاء أكثر. عندما تجد لديك الرغبة في أن تحظى بما لدى الآخر، و تشعر بالغيرة أو بالدونية أو بعد الكفاءة نتيجة لذلك، فأنت أمام لحظة من المقارنة الاجتماعية السلبية.
لا شك أن المقارنات الاجتماعية السلبية الاعتيادية، يمكن أن تسبب لنا ضغطا نفسيا أعلى و قلقا و اكتئابا و تجعلنا نأخذ خيارات الانهزام الذاتي.هناك ملاحظتين ممتعتين عن المقارنة الاجتماعية السلبية:
- للمقارنة الاجتماعية السلبية عناصر من النرجسية: عندما نرغب في أن نظهر مثل الآخرين أو نمتلك ما لديهم ، فنحن لا نرغب في الواقع بكل شيء حولهم، بل بالأوجه المثالية منهم فحسب. هذا الإدراك المثالي و المتسم بالتعظيم للشخص الآخر، نرجسي بطبيعته. و على الأغلب فإنه حتى أولئك الذين نقارن أنفسنا بهم، لا يمكنهم أن يرتقوا في الواقع إلى صورتهم المثالية التي نحتفظ بها عنهم. و لهذا السبب كثيرا ما نجد أن الناس الذين يقضون وقتا طويلا مع " أبطالهم" أو "بطلاتهم" أو " معبوديهم "، فإنهم يكتشفون بأنهم يظهرون أيضا الضعف و الخلل و المصاعب و المشاكل في حياتهم كأي شخص آخر.
- من السهل نسبياً التغيير من الحالة المثالية إلى الحالة الإنسانية: مثلاً ربما ترغب أن يكون لديك مهنة ممتازة كمديرك و الكثير من المال كصديقك ، أو المظهر الجذاب كزميلتك أو العلاقة الرومانسية كصديقتك. مقارنة نفسك بهم قد تجعلك تشعر بأنك " أدنى" على نحو ما.و لكن عندما تنظر إلى حيواتهم بموضوعية أكبر، ستجد أن مديرك يعاني من مشاكل صحية و عائلية، و أن زميلتك الجذابة تعاني من عدم أمان فيما يخص مظهرها...الخ. إذا نظرنا إليهم من منظور أكثر توازناً، سنجد أن هناك ما هو أكثر من رؤية العين، و أنهم بشر لديهم مشكلات و تحديات كالتي لدينا.
سابعاً: علينا أن نخلق ملاذات إيجابية في حياتنا
لكي نغير انخفاض تقديرنا لذواتنا إلى تقدير صحي، من المهم خلق ملاذات في حياتنا، حيث يمكن أن نتلقى و بشكل منتظم الرسائل الداعمة و الواقعية و المؤكِّدة. و هذا يمكن أن يتوفر بصحبة أفراد الأسرة الإيجابيين أو الأصدقاء أو مجموعات الدعم أو المستشارين أو الزملاء الإيجابيين. من المهم أن نتعرف على قاعدة الدعم القائمة على قبولنا كما نحن كأشخاص، و التي تتفهم ضعفنا و هشاشتنا و تشجعنا على المضي قدما في حياتنا بطريقة صحية و بناءة، " فلا سبيل للطيران كنسر، إذا كان الجناحان لدجاجة"!
بالإضافة للملاذ الخارجي، من المهم أن نخلق ملاذنا الإيجابي الداخلي. و يكون ذلك بأن نقرّ لأنفسنا بما هو جيد في حياتنا ( بغض النظر عن كبره أو صغره ) و أن نحدد أهدافا ذات معنى ( و لو كانت صغيرة)، و نعترف بالجميل لما لدينا الآن.
تيسيير حسون
تعليقات
إرسال تعليق