عن اضطراب التحويل
عن اضطراب التحويل
****************
اضطراب التحويل هو مجموعة من الأعراض التي يختبرها الشخص المصاب، حيث لا يمكن ردها إلى مشكلة جسدية في الدماغ أو النخاع الشوكي أو الأعصاب أو العضلات أو أنسجة أخرى في الجسم، بل تأتي نتيجة ضغط نفسي لم يحلّ أو انفعالات لم يجر التعبير عنها كالغضب أو الحزن أو مشاعر أخرى غير مريحة. هذه الأعراض هي وسيلة الدماغ لتحويل الضغط النفسي والانفعالات التي لم تحل، إلى أعراض جسدية، وفي الواقع هو يشتت انتباه الشخص عن التعامل مع المصاعب الانفعالية.يعتبر اضطراب التحويل اضطراب نفسي جسدي ويتضمن عملية كبت الانفعالات.والمشكلة أن بعض المصابين يقضون ساعات لا تحصى في عيادات الأطباء يخضعون للعلاج الذي قد يصل إلى علاجات جراحية دون معرفة الأصل النفسي للمشكلة .
في الاضطراب النفسي الجسدي يحتال الدماغ على الشخص في أنه يجنبه الشعور بالانفعالات المكبوتة من حداد وغضب ومشاعر عميقة أخرى من الصعب مواجهتها.يجد الدماغ استراتيجية فعالة لمنع الشخص من الإدراك الشعوري لانفعالاته العميقة، بتحويل انتباهه إلى المشكلة الجسدية (التحويل). وكبت المشاعر هو شكل من أشكال الحفاظ على الذات. وقد وجد بأن هناك أنماطا محددة من الناس يميلون إلى "جسدنة" مشكلاتهم النفسية، منهم ذوي الضمير العالي والجادين والذين لديهم إحساس عال بالمسؤولية وممن يميلون إلى الكمال.
تنتج الأعراض عن قدرة الدماغ على حرمان بعض أجزاء الجسم من التزود بالأوكسجين، ما يؤدي إلى الألم.وهناك العديد من الأمثلة على الأمراض النفس جسدية مثل الشقيقة والصداع التوتري والتهاب المفاصل نظير الرثياني ومتلازمة نفق الرسغ واضطرابات جلدية كثيرة واضطرابات الأكل وطنين الأذن ومتلازمة الكولون المتهيج وغيرها.
كيف يعالج اضطراب التحويل؟
**********************
يجب أن يفهم المرضى الذين يعانون من اضطراب التحويل كيف يبلّغ دماغهم جسدهم بأن هناك أمرا ليس على ما يرام في جسدهم لكي يساعدهم على حماية أنفسهم من الإدراك الشعوري لانفعالاتهم المؤلمة أو القاسية التي جرى كبتها.ولكي يتم الشفاء من اضطراب التحويل، ينبغي على المريض أن لا يعي فقط طبيعة الحالة، بل أيضا أن يتقبل بأنها لديه.غالبا ما يكون القبول هو الجزء الأصعب من العملية.وإنكار الحالة عادة عرض من أعراضها.
في الأساس، المعرفة هي العلاج. يجب وضع التشخيص بعد استبعاد السبب العضوي للأعراض. وحالما يوضع التشخيص يحتاج المريض إلى تثقيف أساسي عن حقائق اضطراب التحويل، أي أسلوب الدماغ في الاحتيال على الشخص لحمايته من الانفعالات المؤلمة.
نخبر المريض بألا يحجم عن ممارسة نشاطاته عند وجود الأعراض، بل أن يحافظ على فعاليته "عبر" الألم.ولن ينتج عن ذلك أي ضرر بالطبع.إذ أنه على الدماغ أن يرى بأن "خدعته" لا تنجح.
على مريض اضطراب التحويل أن يعرف:
- أن ألمه ليس له دلالة أو أهمية عضوية
- يجب ألا تكون هناك تقييدات جسدية لنشاطاته الجسدية.
- ينبغي وقف كل العلاجات التي تستهدف الأعراض.
حالما نثقف المريض بحقائق اضطراب التحويل، يمكن للمعالج تحويل الانتباه إلى المشهد الانفعالي للمريض.ويمكن مساعدته في تحديد الغضب الذي لم يعبر عنه.ينبغي مساعدة المريض في التعرف على مصادر غضبه والتي قد تكون: ١) ألم عميق يعود إلى الطفولة؛ ٢) ضغوط يفرضها على نفسه؛ ٣) ضغوطات حياتية؛ ٤) انفعالات أخرى قد تغذي غضبه مثل الشعور بالذنب أو الخزي أو الخوف).
سأورد المكونات الرئيسة لعلاج الاضطراب التحويلي:
١- التثقيف بالجوانب الجسدية والعقلية والانفعالية للحالة.
٢- الفهم بأن الانفعالات المهدِّدة المكبوتة لدى المريض، هي التي تؤدي إلى الحاجة إلى الأعراض النفسية الجسدية. وبالتالي يمكن وضع قائمة بالأشياء التي يعتقد المريض بأنها قد تساهم في هذه المشاعر غير المعرفة.
٣- تفحص الأشياء الموجودة في القائمة والكتابة بتفصيل عما قد يكون السبب في هذه المشاعر.بينما يكتب الشخص يفهم بأن الذكريات المؤلمة يمكن أن تبقى حبيسة في الداخل، إلى أن يتم التعامل معها.قد تكون مصادر الألم سوء معاملة في الطفولة، إساءة جنسية، معاملة سيئة عاطفيا ولفترة طويلة، إهمال، رفض، غياب الدفء والدعم من الراعي الأساسي للشخص، الخ.ينبغي تفحص كل شعور أو سبب محتمل في القائمة والتفصيل في كتابته.
٤- ثمة مجال آخر للكتابة عنه هو الصفات الشخصية، كالكمالية والشعور العميق بالدونية والحساسية والحاجة العميقة لإرضاء الآخرين أو حمايتهم، الخ.علينا أن ندرك بأن الطفل داخل كل منا لا يحب أن يستسلم للضغط لأن يقمع انفعالاته أو لأن يكون كاملا، وهو يكون غاضبا جدا حين تطبق هذه الضغوط عليه.
٥- التعبير عن الغضب: ندون في القائمة أي شيء أو أي شخص سبب لنا الغضب أو يسببه حاليا. ونتعلم بأن نشعر بالراحة بوجود الانفعالات القاسية. وهذا أمر ممكن تعلمه.
٦- لنتذكر بأن دماغنا يحاول حمايتنا من اختبار هذه الانفعالات المكبوتة.وبالتالي لنفكر في هذه الأفكار يوميا لكي نساعد المشاعر غير الواعية لأن تصبح في ساحة الوعي ولكي نري الدماغ بأنه لم يعد هناك حاجة لكبت الانفعالات "بحيلة" الأعراض الجسدية.
تيسير حسون
تعليقات
إرسال تعليق