مرض الفصام (الشيزوفرينيا)
.
الفصام (الشيزوفرينيا)
تزداد اهمية تشكيل الوعي بالامراض النفسية مع اشتداد قسوة الحياة على الانسان وسعي الجميع الى التخفيف من وطأتها وتحسين جودتها ، وتقديم المساعدة لاشخاص قد لا يدركون بانهم بحاجة لها .. وهنا فرصة للتعرف على احد نماذج مرض نفسي شائع ..
ما هو الفُصام ؟
هو الترجمة العربية لمرض الشيزوفرينيا ، وهو مرض نفسي يصيب الجنسين بنسبة واحدة في مرحلة عمرية تتراوح بين ال ١٥ وال ٣٥ سنة، ويعتبر أهم الأمراض النفسية بسبب الإصابة البالغة التي يُحدثها على مستوى علاقة المريض مع ذاته ومع الآخرين، وتعتبره منظمة الصحة العالمية ضمن قائمة الأمراض العشرة المسببة للعجز .
هل هو نفسه مرض " تعدد الشخصيات" الذي نسمع عنه في وسائل الإعلام؟
لِجهلها بماهية الأمراض النفسية عموماً و الفصام خصوصاً ، دأبت وسائل الإعلام على تقديم صورة مشوهة للمريض والطبيب النفسي على حد سواء، ومرض " تعدد الشخصيات" هو ابتكار إعلامي لا يمتّ بصلة للفصام .
ما هي أعراض الفصام؟
لتشخيص الفُصام لابد من مجموعة من الأعراض المستمرة لستة أشهر على الأقل وهذه الأعراض ورغم إتساعها يمكن تلخيصها بالعناصر التالية :
+ أعراض إيجابية :
١الهذيان وهو اعتقاد ثابت خاطئ لا يتناسب مع ثقافة الشخص ، كأن يعتقد مثلاً بوجود عناصر خارجية تستطيع التحكم بأفكاره وقرائتها، أو أن كل المحيطين به يريدون له شراً ، وقد يتحدث بثقة عن تحولات غريبة في جسده .
٢ الأهلاس : حيث يسمع المريض أصواتاً أو يرى أشياءً ويشم روائحاً ، غير موجودة بالنسبة لآخرين وتعتبر الأهلاس السمعية أكثرها شيوعاً.
٣ اضطراب في ترتيب الأفكار حيث يعجز المريض عن ربط الأفكار بشكل طبيعي مما يؤدي إلى ظهور أفكار غريبة غير مترابطة وغير متناسبة مع السياق المنطقي.
٤ اضطرابات شديدة في السلوك حيث يجد المريض صعوبة في القيام بالواجبات الأساسية كالاهتمام بنظافته الشخصية ونظافة منزله، والقيام بشراء حاجيته الأولية، أو ارتداء ملابسه ، وفي حالة تأزم المرض قد يكون المصاب عدوانياً أو عنيفاً تجاه نفسه أو تجاه الآخرين.
٥ فرط الحساسية الذي قد يكون أول الأعراض ظهوراً ، حيث يُشاهد عليه ردود فعل مبالغ فيها تترافق مع مشاعر بالكراهية والحذر الشديد في التعامل مع الآخرين قد تنتهي إلى انطواء غريبٍ على الذات .
الأعراض السلبية :
١ هبوط شديد في النشاط الجسدي ، يتمثل ببطاءة حركية قد تنتهي إلى صعوبة كبيرة في الحركة ( وضعيات تشبه الشلل.
٢ انعدام الدافع للقيام بأي مجهود ، وعدم إمكانية إنهاء أي عمل يبدأ به.
٣ انعزال اجتماعي يُفَسّر برغبة المريض بالهدوء وإحساسه بالأمان وحيداً، فهو غير معنيّ بالحياة مع الآخرين.
٤ تغيير جذري في العادات ( المأكل والمشرب وطريقة اللباس ) أو في اللغة وطريقتها فقد يبتكر المريض لغة خاصة به لا يفهمها سواه.
هل يمكن اكتشافه باكراً؟ يعلنُ الفصام عن نفسه بعدة أعراض ، نختار أهمها:
ـ نقص الاهتمام التدريجي بالفعاليات الاعتيادية التي كانت فيما سبق محور اهتمامه وعنايته.
ـ هبوط شديد على مستوى التحصيل العلمي وصعوبة التركيز على هدف واحد.
ـ الابتعاد عن حياة الجماعة بداية بالعائلة حيث ينزوي وحيدا في غرفته و انتهاءً بقطع علاقاته بأصدقائه
ـ حالة من الضياع في الأفكار والأفعال ، إلى جانب إحساسه بعدم المبالاة حتى حيال أكثر المواضيع أهمية. يذكرُ أحياناً ميولاً غريبة للبحث في الفلسفة والدين و الماورائيات.
ـ اضطرابات في النوم تجبر المريض وعائلته على الاستيقاظ طوال الليل، تسببها حالة من القلق غير المفسر
هل يمكن تفادي هذا المرض؟
إن الظهور البطيء للأعراض وصعوبة تمييزها عن إضطرابات المراهقة ، وإمكانية الأهل خاصة في مجتمعاتنا العربية على تحمل كل التغييرات في السلوك، جعل من تفاديه أمراً غاية في الصعوبة..
أسبابه؟
لا يوجد حتى الآن سبب واحد ونهائي يفسر مرض الفصام، بل يميل العلماء حاليا إلى الحديث عن أسباب وراثية وعضوية ونفسية و إجتماعية في آن ، ولو أن الفحوص الشعاعية تثبت وجود اضطرابات دماغية أكيدة .
هل من سبيل للشفاء؟
ما تقدمه الأدوية المضادة للذهان حتى الآن هو التخفيف من حدة الأعراض ، الإيجابية منها خاصة ، دون الوصول إلى الشفاء الكامل. لكن التشخيص المبكر للمرض يساعد على إعطاء نتائج أفضل. إلى جانب الأدوية ، من المجدي الحديث عن معالجات نفسية وإجتماعية لتساعد المريض على العودة لإطاره الإجتماعي .
هل يمكن إيقاف الدواء عند التحسن؟
في أغلب الحالات يميل الأطباء إلى الإبقاء على الدواء حتى ولو غابت الأعراض عن سماء المريض، ذلك لأن احتمال النكس وارد جداً وخاصة في بداياته. لذا فإننا ننصح المريض وأهله بعدم وقفِ الدواء حتى ولو عادت الأمور إلى أحسن حالاتها ، فإيقافه هو قرار بيد الطبيب المختص
هل يمكن علاجه بطرق أخرى غير الأدوية؟
إن الفصام مرض قاس في أعراضه قد يحول حياة المريض وأهله إلى جحيمٍ حقيقي، لذلك ، وبدون مضيعة للوقت عند السحرة والمشعوذين، أجد أن المرور عبر الطبيب أمر لا مفرّ منه .
هل مريض الفصام هو شخص خطير؟
أثبتت دراسة حديثة أن نسبة خطورة المريض الفصامي على الآخرين تعادل نسبة خطورة الإنسان غير المصاب، لكن خطورة المريض تجاه نفسه ترتفع عدة أضعاف أمام الإنسان العادي إذ أن حوالي ال ٢٠ بالمئة من المرضى المصابين بالفصام يلقون حتفهم منتحرين. أن يكون المريض الفصامي شخصاً غريباً ، لا يعني بالضرورة أن يكون خطيراً .
هل يمكن أن يُعالج المريض خارج المشفى؟
بالطبع، فأكثر من ٨٠ بالمئة من مرضى الفصام يتلقون علاجهم في العيادات الخاصة، أما الدخول للمشفى فهو غالباً للحالات الشديدة المترافقة بالعنف وإضطرابات السلوك، أو تلك التى استعصت وصار الإبقاء عليها في المنزل أمراً مستحيلاً .
نصائح أخيرة؟
مراجعة الطبيب المختص أو العام ( حتى ولو رفضَ المريض كما يحدث أحياناً) عند ظهور علامات تتسم بالغرابة وتغيير السلوك المفاجئ والإنعزالية المُستَغرَبة وعدم محاولة تفسيرها وكأنها ضمن الوضع الطبيعي لمرحلة المراهقة. المتابعة الحثيثة للشباب ممن يعاني أحد والديهم أو كلاهما من أمراض نفسية لأن الجانب الوراثي بات حقيقة علمية. أؤكد على عدم إيقاف الدواء إلا باستشارة الطبيب المختص.
تعليقات
إرسال تعليق