أوعى تلبس !




أوعى تلبس..

بص يا سيدى..
عاوزك كده بهدوء وببساطة تبص حواليك.. أو بصيغة أدق..تبص على الناس اللى حواليك..
بالراحة كده..
بص كويس..
قرايبك.. حبايبك.. جيرانك.. أصحابك.. مراتك.. جوزك..أى حد تانى..

كل واحد من الناس دى جواه (غالباً) سيناريو قديم..يعنى مجموعة من الأحداث الحياتية اللى اتعرض لها فى أى مرحلة من عمره، ومازالت عايشة جواه كما هى بنفس المشاهد والمشاعر والأفكار، كأنها لسه حاصلة حالاً..يعنى حد مازال جواه شكل وتفاصيل علاقته بأبوه، وإزاى كان طيب وحنين وصبور.. حد لسه محتفظ بمشاعر خوفه من أخوه الكبير.. حد مفتقد حبيبته الأولى.. واحدة مش قادرة تنسى نظرات الشك والارتياب اللى كانت بتشوفها فى عين أمها لما ترجع البيت متأخر شوية.. واحدة لسه محفور جواها الأذى النفسى والبدنى اللى اتعرضت ليه وهى صغيرة على إيد واحد جبان وندل استحل نفسها وجسمها.. واحدة تالتة مش قادرة تنسى الرعب اللى كانت حاسة بيه لما تاهت عن مامتها فى السوق وهى صغيرة.. 
وغيره.. وغيرها..

دراما شغالة جوه كل واحد أو واحدة.. مبنية على أحداث قديمة عدى عليها الزمن وفات.. كل دراما من دول سايبة أثر.. وكل حدث أو مشهد أو حكاية من دول سايبة رسالة نفسية مهمة وأساسية جداً فى التكوين النفسى بتاع كل حد فينا.. رسالة بيعيش بيها عمره.. وبيبنى عليها حياته.. وبيتعامل على أساسها مع الناس..
يالهوى!! 
يعنى أيه؟

يعنى حد وصلته رسالة مضمونها "إنت ماتستاهلش" بكل تنويعاتها زى "إنت ماتستاهلش تتحب" أو "إنت ماتستاهلش تفرح".. أو "إنت ماتستاهلش غير درجاتك فى الثانوية العامة".. أو "إنت ماتستاهلش غير اللى أنا أسمحلك بيه"..
حد تانى وصلته رسالة بتقول "محدش هايهتم بيك إلا لو كنت مريض".. وفى قول آخر "محدش هايعيرك أى اهتمام إلا لو كنت صانع للمشاكل".. وفى قول ثالث "عاوزانا نشوفك يبقى تجذبى انتباهنا على قد ما تقدرى"..
حد ثالث وصلته رسايل مجملها "ماينفعش تعتمد على نفسك وأنا موجود".. أو "إنت ماتقدرش لوحدك".. أو "إنت هاتفضل صغير على طول".. 
حد رابع شبع رسايل من نوع "اعمل كل حاجة تخلينى أرضى".. أو "أنا مش هارضى عنك أبداً".. أو "مهما عملت.. كأنك ماعملتش حاجة"..
وهكذا.. وهكذا.. وكفاية وجع لحد كده..

كتير من اللى وصلته رسايل بالشكل ده.. واللى جواه دراما عاملة كده، مابيكونش قدامه وقت ما وصلته إلا إنه يصدقها، لأنها غالباً بتكون وصلته من أقرب الناس ليه.. وفى وقت وعمر وظروف تخليه مايقدرش يعمل أى حاجة غير إنه يستسلم ليها.. 
مش بس كده.. ده بيفضل طول عمره عايش بيها.. وممحور حياته حواليها.. وبيتصرف على أساسها.. 
والأصعب من كل ده.. هو إنه بيسعى طول الوقت إنه يحققها.. آه.. يحققها.. ويثبتها.. وكأنها نبوءة.. ماينفعش غير إنها تتحقق.. وده لسبب بسيط جدااااااااا.. هو إنه ماعرفش عن نفسه وعن اللى حواليه (وقتها) غير كده.. وماتعلمش عن الحياة والعلاقات (ساعتها) غير ده.. وماكانش عنده أى بدائل يحمى بيها نفسه.. ولا أى اختيارات تانية يدافع بيها عنها..
طبعاً ده شئ صعب ومؤلم جداً.. ومحتاج شهور وربما سنوات من العلاج النفسى الحقيقي العميق..

بس فى الحقيقة مش هو ده اللى عاوز أتكلم عنه.. أو ألفت الانتباه ليه.. 
اللى عاوز ألفت الانتباه ليه هو الطرف التانى من القصة.. الطرف اللى هاتتحقق النبوءة على إيديه.. أيون.. الطرف اللى صاحب النبوءة هايختاره علشان يكمل الحبكة الدرامية..
ماهو فيه رسايل وصلت.. وفيه مسرحية درامية متخزنة.. وفيه نبوءة لازم تتحقق.. وفيه بطل للقصة.. يبقى ناقص مين؟ قول انت بقااااااااااا..
ناقص الشخص اللى هايختاره البطل علشان يلعب الدور اللى ناقص.. الشخص اللى هايحافظ على سير الأحداث فى الخط المرسوم ليها.. الشخص اللى هايطمن البطل إن اختياره كان صحيح.. وإنه كان معذور لما صدق اللى وصله.. وإنه ماكانش وما عادش ينفع إلًا إنه يكون كده، ويفضل كده..

بمعنى..
معظم اللى وصلته رسالة "إنت ماتستاهلش".. هايدور طول الوقت على شخص يعامله على إنه مايستاهلش.. الشخص ده ممكن يكون صاحب أو صديق أو زوج أو زوجة.. 
ومعظم اللى وصلته رسالة " إنت ماتقدرش لوحدك" هايفضل طول حياته يدور على حد يتسند عليه ويعتمد على وجوده، ومن غيره يحس إنه ضعيف قليل الحيلة.. والحد ده ممكن يكون رئيسه فى الشغل أو مراته أو حتى ولد من أولاده..
ومعظم اللى وصلته رسالة "أنا مش هارضى عنك أبداً".. مش هايستريح غير لما يلاقى حد لا يرضى أبداً مهما عمل أو بذل مجهود، ويتشعلق فيه..

كل اللى فات ده بقى مقدمة.. ومقدمة مختصرة جداً للى جاى دلوقت..
اللى عاوز أقولك فيه وبكل وضوح:
كتير أوى من الناس اللى حواليك بيدور على حد يلبسه أحد الأدوار المهمة والمؤثرة فى مسرحية حياته.. خلى بالك أحسن حد يحاول يلبسك دور غير حقيقتك..
هاتلاقى حد بيقولك إنت أنانى، مش بتهتم بيا، ومش شايف غير نفسك.. علشان يلبسك دور الندل الأنانى الطماع.. ويؤكد لنفسه رسالة "انت دايماً مظلوم".. 
هاتلاقى حد بيطلع منك كل شر.. ويستفز فيك كل غضب.. ويتصيد ليك كل خطأ.. علشان يلبسك دور الشرير المتسلط المفترى.. ويؤكد لنفسه رسالة "كل الناس وحشين/أشرار، وانت بس اللى طيب"..
هاتلاقى حد بيشكرك عمال على بطال.. ويعبرلك عن كل الامتنان والعرفان من غير ما تعمل أى حاجة.. مايتحركش إلا بإذنك.. ومايتنفسش إلا بمشورتك.. علشان يلبسك دور الشخص القوى المخلٍص.. ويفضل معتمد عليك، ويؤكد لنفسه رسالة "ماينفعش تعتمد على نفسك"..
هاتلاقى اللى بيحاول يلبسك دور أبوه الطيب، ويحرمك من حقك فى الغضب والحنق والرفض أحياناً.. هاتلاقى اللى بيحاول يلبسك دور حبيبته القديمة، من غير ما يشوفك ويشوف حقيقتك الأجمل والأحلى.. وهاتلاقى اللى بيحاول يلبسك دور المغتصب المجرم القاسى.. بدون أى وجه حق..

هاتلاقى اللى يحاول يلبسك دور الجانى.. واللى يحاول يلبسك دور الضحية.. واللى يحاول يلبسك دور المنقذ.. وانت ولا جانى ولا ضحية ولا منقذ.. انت شخص عادى طبيعى غلبااااااان..

خلى بالك بقى..
وفتح عينك كويس جداااااا.. 
إوعى تلبس أى دور حد يحاول يلبسهولك.. 
إوعى تكون إنت الشخص اللى هايحقق النبوءة المشئومة..
إوعى تلاقى نفسك طرف فى لعبة درامية بائسة..لا هى بتاعتك.. ولا انت قدها..

وإذا كان ده حصل فعلاً.. فالحق بسرعة وبدون أى تردد.. اقلع الدور ده فوراااااااااااااا.. وارجع نفسك اللى كنت تعرفها ومتأكد منها قبل ما تعرف الشخص ده مباشرة.. وماتسمحش له أو لغيره إنه يلبسك أى دور أو يدخلك فى أى مسرحية حياتية هزلية..

إوعى تلبس..
إوعى تلبس..

محمد طه

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشخصية الهذائية

المراهقون و لغات الحب الخمس

الإفصاح عن الذات